تسرع الكويت وتيرة مشروعاتها العمرانية الكبرى بما فيها تأسيس مدن إسكانية متكاملة ومتطورة في إطار رؤيتها الطموحة 2035 الهادفة إلى تحقيق نهضة عمرانية شاملة بخطى ثابتة وتبني مشروعات عملاقة وسياسات اقتصادية واجتماعية واعدة وشراكات عالمية مثمرة.
ويعكس هذا المسار رؤية البلاد على طريق بناء مستقبل مزدهر ومستدام يلبي تطلعات المواطنين عبر وضع خريطة طريق شاملة لنظم الرعاية السكنية من شأنها المساعدة في تعزيز مشروعات المدن السكنية المستدامة والذكية صديقة البيئة.
وتعود بدايات التنظيم العمراني الحديث في الكويت إلى مطلع خمسينيات القرن الماضي عبر مجلس الإنشاء الذي تشكل بقرار حكومي لتقرير السياسات العمرانية والإسكانية وتولي مهمة التخطيط لأعمال البنية التحتية الكويتية.
ومنذ ذلك وعلى مدى أكثر من سبعة عقود عملت الكويت على دفع عجلة التطور العمراني في البلاد بعدما أنشأت الدوائر واللجان والهيئات والمؤسسات الحكومية واعتمدت سياسات واعدة للتحول إلى المدن الذكية صديقة البيئة.
وعكست التوجهات الجديدة للدولة العزم نحو المضي قدما في تعزيز إمكاناتها وتعظيم قدراتها لتأسيس مدن إسكانية متكاملة ومتطورة إضافة إلى تسريع وتيرة توفير الرعاية السكنية للمواطنين من خلال خطط تنفيذية واقعية ضمن برامج زمنية محددة.
كما تلقت المؤسسة العامة للرعاية السكنية والجهات المعنية بالقضية الإسكانية تكليفات مستعجلة بأهمية تضافر الجهود لتسريع وتيرة إنجاز المشروعات القائمة وحل أي معوقات قد تواجهها.
وشددت تلك التكليفات الحكومية على أن خطة العمل التي ستسير عليها (السكنية) في الفترة المقبلة ستنفذ بناء على توجيهات القيادة السياسية بالتزامن مع دعوة المسؤولين إلى النزول والاستماع للمواطنين سكان المدن الجديدة وتلبية احتياجاتهم.
وأفردت الكويت في خططها التنموية المتعاقبة برنامجين لتشييد بنية تحتية متماسكة وإيجاد مناطق معيشية متناغمة بيئيا اشتملت على جملة سياسات في مقدمتها بناء مدن صديقة للبيئة وفق مبادئ المباني الخضراء والبنية التحتية الخضراء والتكنولوجيا الذكية إضافة إلى تحسين إدارة الأراضي والمرافق وإيجاد بدائل مستدامة لنظام الإسكان الحالي.
وحرصت الجهات التنفيذية في الدولة على استعجال تفعيل السياسات المرتبطة بهذين البرنامجين إذ أظهر تقرير متابعة الخطة السنوية (2023/2024) السنوي الذي أعدته الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية أن السياسات الست التي اشتمل عليها برنامج تشييد بنية تحتية متماسكة دخلت جميعها حيز التفعيل.
وذكر التقرير أن هذه السياسات مرتبطة بـ36 مشروعا تنفذ من خلال تسع جهات منها مشروع تم إنجازه بالكامل ومشروعان في مرحلة التسليم وتسعة مشروعات في المرحلة التنفيذية و19 مشروعا في المرحلة التحضيرية.
وأفاد بأن سياسة تحسين إدارة الأراضي والمرافق من خلال دعم تنفيذ المخطط الهيكلي الرابع - بما في ذلك نظام تقسيم المناطق ونظام المعلومات الجغرافية - تحتل العدد الأكبر من المشروعات المرتبطة بالخطة بعدد 10 مشروعات.
وفيما يخص برنامج المناطق المعيشية المتناغمة بيئيا أوضح التقرير أنه تم تفعيل أربع سياسات بالخطة السنوية (2023/2024) من أصل خمس سياسات وبـ14 مشروعا تنمويا تنفذ من خلال ست جهات منها خمسة مشروعات في المرحلة التنفيذية وثماني مشروعات في المرحلة التحضيرية.
ويعكس مشروع المخطط الهيكلي الرابع لدولة الكويت 2040 رؤية وأهداف وخطط الدولة في السياسات العمرانية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية بالتوازي مع النمو السكاني المستقبلي المتوقع.
ويتضمن المخطط أربعة أقاليم الأول إقليم منطقة الكويت الحضرية والثاني المنطقة الإقليمية الاقتصادية الشمالية والثالث المنطقة الإقليمية الجنوبية والرابع المنطقة الإقليمية الغربية بحيث يوزع عليها النمو السكاني.
وفي خطوة تستهدف تعميق فهم الجوانب الأساسية للمدن الذكية وتسهيل التعاون وتبادل الخبرات في هذا المجال ينطلق في الكويت غدا مؤتمر (الإدارة الذكية والابتكار من أجل مدن مستدامة) تحت رعاية سمو الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء ويستمر إلى 21 نوفمبر الجاري.
ومن المقرر أن يشهد المؤتمر مشاركة واسعة من علماء وخبراء متخصصين في إدارة المدن الذكية إضافة إلى صناع القرار والمسؤولين الحكوميين ومبتكري التقنية والمنظمات البيئية والمؤسسات التعليمية والمستثمرين وشركات التمويل وعدد من الوفود الدولية.
إلى ذلك أدخلت المؤسسة العامة للرعاية السكنية الأنظمة الذكية والطاقات المستدامة في تصاميم مشروعاتها الأخيرة بما يتماشى مع التطورات المستحدثة في عالم البناء ويتناسب في الوقت ذاته مع البيئة الكويتية ويحقق رغبات المواطنين.
وتعمل المؤسسة حاليا على ستة مشروعات رئيسة تتضمن استكمال تنفيذ مشروع مدينة المطلاع واستكمال المباني العامة لمشروع جنوب عبد الله المبارك واستكمال طرح مناقصات المساكن الميسرة وتنفيذ خدمات الطرق الرئيسة لمشروع جنوب مدينة سعد العبد الله وتنفيذ خدمات الطرق والبنية التحتية لمدينة جنوب صباح الأحمد واستكمال تنفيذ مشروع البيوت لمدينة شرق صباح الأحمد.
في موازاة ذلك أظهرت تقارير الأداء لأعمال المؤسسة تقدما ملحوظا في إنجاز عدد من المشروعات عن نسب الإنجاز التعاقدية منها مشروعا جنوب صباح الأحمد وجنوب سعد العبد الله بالتزامن مع توقيع المؤسسة عقودا جديدة لإنشاء وصيانة مراكز خدمية بالمدينتين.
واتخذت الكويت خطوات كبيرة على طريق تحديث تصاميم المشروعات الإسكانية وتطوير الأفكار التصميمية لتتماشى مع آخر المستجدات العالمية مما أنتج تقديرا عالميا تمثل في الجوائز الدولية التي حصلت عليها مؤسسة الرعاية السكنية في هذا الإطار.
وتحرص الكويت دائما على تبادل الخبرات والتجارب الثرية في مجال الإسكان عبر توسيع مشاركتها في المؤتمرات الإسكانية المتخصصة وتعزيز التعاون مع المنظمات العربية والإقليمية والدولية والاتحادات العربية ذات الصلة.
وقدمت الكويت نماذج ناجحة للمشروعات الإسكانية العملاقة وانتهت من توزيع وتسليم عشرات الآلاف من الوحدات السكنية للمواطنين على مدى السنوات العشر الماضية إضافة إلى الشروع في تنفيذ مشروعات تحقق أهداف التنمية الحضرية المستدامة وتلبي تطلعات الدولة في تحقيق رفاهية السكن للمواطنين.
وفي أكثر من مناسبة أكد وزير الدولة لشؤون البلدية ووزير الدولة لشؤون الإسكان عبد اللطيف المشاري حرص المؤسسة العامة للرعاية السكنية على إنجاز المشروعات القائمة بأعلى جودة إلى جانب العمل على تذليل المعوقات أمامها لتوفير السكن للمواطنين وفق الجدول الزمني المحدد.
وشدد الوزير المشاري بهذا الصدد على أهمية العلاقة التشاركية مع كوريا الجنوبية لتطوير البنية التحتية للمشروعات بهدف خلق شراكة دائمة تنعكس إيجابا على اقتصاد البلدين الصديقين.
وأوضح أن هناك مفاوضات جارية مع كوريا الجنوبية لتطوير أجزاء من مدينة جنوب سعد العبد الله بأفكار وسواعد كويتية وكورية مشيرا إلى توقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة كوريا للأراضي والإسكان لتحديث تصميم المدينة الذكية.
وفي سياق تحقيق الأهداف الاستراتيجية ذات الصلة بالقضية الإسكانية تعمل البلاد على تكثيف جهودها لتطوير البنية التحتية وتطوير النظم الإحصائية وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وفي الآونة الأخيرة تسارعت الخطوات الرامية إلى تحقيق نهضة عمرانية كبيرة في الكويت عبر تفعيل ركيزة بنية تحتية متطورة تضمنتها الخطة التنموية إذ تشرف جهات عدة في الدولة على تنفيذ خطط تطوير البنية التحتية وتحسين الطرق ومعالجة المشاكل المرورية.
وبصدور المرسوم رقم 27 لسنة 2024 بالموافقة على مذكرة تفاهم بين الكويت ممثلة بمؤسسة الرعاية السكنية ووزارة التجارة الصينية للتعاون في مجال التطوير الإسكاني تخطو البلاد خطوة متقدمة لتعظيم الاستفادة من الشراكات الدولية في مجال التطور العمراني.
وهذه الاتفاقية التي وقعت ضمن سبع اتفاقيات في سبتمبر العام الماضي تؤسس لتواصل استراتيجي طويل الأمد في مجال تطوير المشروعات الإسكانية مع الجانب الصيني لتحقيق متطلبات التنمية المستدامة.
0 تعليق