سلّط تقرير لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات الضوء على التحديات النقدية والاقتصادية التي تواجه الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد، لاسيما العقبات المالية، بما في ذلك أزمة السيولة الحادة، وتحولات السوق النقدي، والتداعيات المحتملة لاختفاء مبالغ ضخمة من الليرة السورية من التداول.
كما ناقش التقرير السيناريوهات المتاحة أمام الحكومة الجديدة لمعالجة الأزمة، والتحديات المرتبطة بكل منها، مع الإشارة إلى الدور الإقليمي في دعم الاستقرار الاقتصادي في سوريا.

منذ 56 دقيقة

منذ 57 دقيقة
وذكر التقرير أن الإدارة الجديدة في سوريا تواجه تحدياً اقتصادياً بالغ الخطورة يتمثّل في اختفاء مبالغ مالية ضخمة تُقدَّر بتريليونات الليرات السورية من التداول في الأسواق المحلية، مما قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية حادة.
ولفت إلى أنه قبل سقوط النظام، كانت الليرة السورية متوافرة بكميات كبيرة، في حين كان هناك شُح في العملات الأجنبية نتيجة القيود الأمنية الصارمة التي فرضتها إدارة النظام السابق، والتي وصلت إلى حد تجريم التعامل بالدولار بعقوبات تصل إلى السجن لمدة 7 سنوات. أما اليوم، فقد انعكست المعادلة تماماً؛ إذ أصبح الدولار متاحاً بكثرة، بينما باتت الليرة السورية شحيحة في الأسواق، مما أدى إلى أزمات متعددة، أبرزها:
تحسّن غير حقيقي في سعر الصرف، وشلل في القطاع الخاص، غياب الشفافية والمخاوف من انهيار العملة.
ولم تصدر الإدارة السورية الجديدة أي توضيح رسمي حول اختفاء الليرة السورية من الأسواق، مما زاد من الغموض والمخاوف. وتشير معلومات محلية إلى أن جهات إقليمية قامت بتهريب كميات ضخمة من الليرات السورية إلى خارج البلاد، ويُعتقد أن هذه الأموال تُجمع حالياً في العراق. وهناك مخاوف من إعادة ضخ هذه الأموال في السوق السورية بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة، مما قد يؤدي إلى انهيار سريع في قيمة الليرة وارتفاع التضخم، الأمر الذي قد يشعل اضطرابات شعبية، خصوصاً مع تسريح عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين الحكوميين بتهم تتعلق بالولاء للنظام السابق أو الفساد.
وقدّم التقرير العديد من الحلول المقترحة لمواجهة أزمة السيولة أبرزها:
1. طباعة كميات جديدة من الليرة السورية
2. ترميز الفئات النقدية الحالية وإلغاء العملة القديمة
3. إصدار عملة جديدة بفئات وتصاميم مختلفة
4. التحول إلى أنظمة الدفع الإلكتروني
وبيّن أن من أهم الاحتياجات المطلوبة لإنجاح هذا التحول:
• تطوير منصة دفع إلكترونية حديثة يديرها المصرف المركزي.
• تحسين وتوسيع البنية التحتية للإنترنت في سوريا، والتي تعاني من ضعف شديد يحد من قدرة المواطنين على تبني أنظمة الدفع الرقمية.
وأشار إلى أهمية الدعم الإقليمي لمنع انهيار الاقتصاد السوري، لاسيما من دول مجلس التعاون الخليجي. إذ تزداد المخاوف من أن تكون جهات إقليمية، وعلى رأسها إيران وأذرعها في المنطقة، وراء اختفاء العملة السورية بهدف زعزعة الاستقرار وإفشال التجربة السورية الجديدة.
ولذلك، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تقديم الدعم عبر:
• تقديم وديعة بالدولار إلى المصرف المركزي السوري تعادل قيمة الأموال السورية المهربة، مما يسمح للمصرف بامتصاص أي كميات ضخمة من الليرة قد تُضخ في السوق، وبالتالي الحدّ من خطر انهيار العملة.
• المساعدة في تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني عبر توفير الدعم التقني وتحسين بنية الإنترنت، مما يسرّع التحول نحو وسائل الدفع غير النقدي، ويقلل من الاعتماد على العملة الورقية.
الاستقرار السوري ضرورة إقليمية
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن إدارة الأزمة النقدية في سوريا ستكون اختباراً حاسماً لقدرة القيادة الجديدة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وكسب ثقة الداخل والخارج، ورسم ملامح مستقبل البلاد.
0 تعليق