في بيت «موسيقار الأجيال» المسقطي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

حين تجوّلت فـي معرض الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي تقيمه دار الأوبرا السلطانية مسقط للفترة (من 15 يناير الجاري إلى 27 فبراير المقبل، فـي قاعة المعارض بدار الفنون الموسيقية)، استحضرت عصر الكبار فـي الأدب والفن، فعبدالوهاب المولود فـي 13 مارس 1902م، والمتوفّى فـي القاهرة يوم 4 مايو1991م، عاش فـي عصر أحمد شوقي، ومحمود عبّاس العقاد، وإبراهيم عبدالقادر المازني، لمع اسمه، كان شابّا فـي العشرينيات من عمره، ولموهبته اللافتة للأنظار، صار من الصفوة المقرّبة من الشاعر أحمد شوقي، يرى الكاتب كامل الشناوي فـي كتابه «زعماء وفنانون وأدباء» أن شوقي حين سمعه خلال الفترة بين عامي 1921 و1926، أعجب به وبشّر بموهبته، فمهّد له طريق المجد، ورغم خصومة شوقي الشديدة مع العقاد إلّا أنهما اتفقا على الإعجاب بفن عبدالوهاب، مع أن العقاد نغز شوقي حين عبّر عن هذا الإعجاب بقوله «صوته قوي عذب جذَّاب، واستعداده الفني عظيم، ولا عيبَ فـيه إلا إعجاب شوقي به!»

وقد عبّر العقاد عن إعجابه بعبدالوهّاب بقصيدة تلقّاها شوقي بالارتياح جاء فـيها:

إيه عبدالوهاب إنك شادٍ يطرب السمع والحجا والفؤادا

وقد سمعناك ليلةً فعلمنا كيف يهوى المعذَّبون السهادا ونفـينا الرقاد عنَّا؛ لأنا قد حلمنا وما غشينا الرقادا بارك الله فـي حياتك للفـــــــن وأبقاك للمحبين زادَا كل تلك التفاصيل التي قرأت وسمعت عنها رأيتها فـي المعرض الذي ضمّ بعض مقتنيات عبدالوهّاب، وأبرزها عوده، ووثائق نادرة، مع شروحات لمحطّات من حياته، ومشواره الفني، عبر تقنية الهوليجرام وهي تقنية حديثة تُظهر الصورة الرقمية على الشاشة، وفـي قاعة أخرى شاهدنا صوره مع الفنانين إلى جانب صوره العائلية الخاصة، واستمعنا لأغانيه، وألحانه، والملصقات الترويجية لأفلامه، فأحسست كأنني أتجوّل فـي منزله، أو متحف خاص بـ(موسيقار الأجيال) فـي مسقط، خصوصًا مع حضور اثنين من أحفاده من جهة الأم: عمر محمد خليل وزينب أباظة، لِمَ لا ودار الأوبرا السلطانيّة مسقط بيته وبيت كل الفنانين الكبار؟

وكانت القاعة الأخيرة مخصّصة لعلاقته بسلطنة عُمان التي توّجت بتلحينه (نشيد عام الشبيبة) الذي كتب كلماته الشاعر الراحل عبدالله بن صخر العامري، وأدّته مجموعة من المنشدين فـي العيد الوطني الثالث عشر عام 1983 وتقول كلمات مقطعه الأوّل:

عام الشبيبة فـي بلادي للمرؤة والحمى

عام به الآمال ترقى سلما

عام سما فتبسما

يحكي لأهل الأرض أن عُمان ترقى الأنجما ومن بين أبرز محطّات عبدالوهّاب الذي استفاد من الموسيقى الكلاسيكية الغربية وقام بتوظيفها فـي الموسيقى الشرقية، حصوله على وسام عُمان من الدرجة الأولى الذي منحه له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ووُضع الوسام فـي مكان مخصّص للعرض، ليشاهده زوّار المعرض الذي لم يكن يقتصر على إبداعات عبدالوهاب، ففـي إحدى قاعاته شاهدنا صورا ضوئية كبيرة لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفـيروز ونجاة الصغيرة، وأسمهان، وآخرين من المطربين الذين غنّوا ألحان عبدالوهاب وإن رغبت بسماع الأغنية التي ترغب ما عليك سوى أن تضع السماعة بأذنك وتضغط على زر الأغنية حتى تنفصل عن المكان وتحلّق فـي عوالم من الفن الرفـيع، إلى جانب مقتنيات أخرى لفنانين آخرين كفستان ارتدته (أم كلثوم) حين غنّت أحد ألحانه.

وضمن البرنامج الاحتفالي هناك حفلات غنائية وجلسات حوارية وعرض لفـيلمه «رصاصة فـي القلب» الذي أنتج عام (1944) وذلك فـي الميدان الرئيسي لدار الأوبرا السلطانية مسقط.

إنّ أهمّيّة هذا الاحتفاء أنه يأتي ليذكّر العالم بواحد من أساطين الموسيقى والغناء العربي وإرثه الفني، وتعريف الأجيال الجديدة بالغناء الطربي الأصيل، الذي بدأ يختفـي بعد أن سادت موجات غنائية هبطت بالذوق العام، وعلى هذه الأجيال أن تراجع ذائقتها وتنظّف أسماعها من الغثّ الذي وجد له منابر كثيرة من خلال ما تبثّه الفضائيات وما يتناقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واليوتيوب، لفسح الطريق لسماع الغناء الأصيل.

أخبار ذات صلة

0 تعليق