مطالبات بحلول جذرية لمرور الأودية بساحات سوق نزوى - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يعاني سوق نزوى، وخاصة الساحات الخارجية والطريق الرابط بين شرق وغرب السوق، من نزول الأودية التي تقطع الحركة المرورية وتؤدي إلى شلل في بعض أروقة السوق وتضرر الباعة، وخاصة ممن ينشطون في الساحة الخارجية خلال إجازة نهاية الأسبوع، إضافة إلى جرف العديد من السيارات المتوقفة في الساحة نتيجة عدم تقدير مالكيها لقوة الأودية، كما تؤدي الأودية إلى جرف كميات كبيرة من الرمال، يتطلب نقلها وقتًا طويلًا، تزيد معه معاناة مرتادي السوق، إضافة إلى ما تخلّفه من خسائر بالممتلكات وأضرار.

وبرغم أن الساحة في الأصل هي مجرى للوادي، إلا أنه مع مرور الوقت أصبحت مساحة مهمة في الحراك الاقتصادي للولاية، ورغم جهود إيجاد حلول لهذه المشكلة، إلا أنها أفكار مؤقتة ولم تُجدِ نفعًا، حيث إن المشكلة تتكرر حين تحدث أنواء مناخية، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين لطرق الأبواب لإيجاد حلول دائمة تخفف المعاناة التي تحصل جراء ذلك.

في السطور التالية نستعرض جملة من الآراء من فئات مختلفة لنطرح أفكارهم ومقترحاتهم لإيماننا بأهمية تضافر الجهود، حيث كان المحور الأول حول عيوب الساحة كونها تستغل لأكثر من غرض، كمواقف عامة، وسوق الجمعة، وساحة عرض للسيارات المستعملة، وأكشاك للباعة المتجولين، والسوق المسائي.

قال الدكتور ناصر بن صالح الكندي: من المعلوم أن الساحة الحالية جاءت في بدايتها استجابة لغرضين أساسيين -لا سيما بعد تطوير سوق نزوى-، حيث كان الغرض الأول تمهيد الطريق لمرور الوادي، كون أن مجموعة من أودية نزوى تمر أمام السوق، والغرض الثاني تمثل في توسعة ذلك الممر -عرضًا وطولًا- لكي يستخدم كمواقف للسيارات من بعد هذا التطوير، ونظرًا لازدهار سوق السيارات المستعملة، كانت ساحة المواقف موقعًا مثاليًا يستجيب لازدهار سوق السيارات المستعملة ليوم الجمعة، وذلك الحراك لساحة المواقف دفع كثير من التجار لعرض تجارتهم في الساحة، لنجد أن تلك الساحة تزدحم شيئًا فشيئًا خاصة يوم الجمعة، ونظرًا لذلك الازدحام -الذي يراه التاجر أنه فرصة تسويقية جيدة-، ظهرت الساحة كسوق مسائي، لا سيما للأطعمة والمأكولات، وكل ذلك حفز متخذي القرار في نزوى لجعل هذه الساحة مكانًا ومقصدًا لتنفيذ العديد من الفعاليات الوطنية والثقافية والاجتماعية، ومع أن هذا التطور في استخدام الساحة، والذي يظنه البعض ظاهرة إيجابية، إلا أن حقيقته هو تحويل الغرض الرئيسي للساحة من مجرى وادي ومواقف مؤقتة للسوق إلى ساحة مكتظة بالفعاليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا تطور خطير؛ ذلك لأن الساحة ليست معدة لهذه الأغراض، وهنالك خطر دائم يحدق بها وهو أنها مجرى وادي.

وقال الدكتور حافظ بن أحمد أمبوسعيدي: يعد سوق نزوى والمنطقة المحيطة به واجهة حضارية وثقافية واقتصادية لولاية نزوى، وقد تجاوزت هذه المنطقة زمنية المواسم السياحية حتى أصبحت مزدحمة طوال أيام العام، وهو ما يقتضي سعيًا حثيثًا لتطوير الدعم اللوجستي لهذه المنطقة، وتأتي ساحات وقوف السيارات في مقدمة هذه الأولويات؛ إذ تتعطل بمجرد هبوط الأودية وجريان المياه، وتكثر الخسائر المادية من السيارات والبضائع وغيرها.

أما الدكتور محمد بن سيف البوسعيدي فقال: من وجهة نظري، غالبًا الساحات التي تُستغل لأغراض متعددة مثل مواقف السيارات، وسوق الجمعة، وساحة عرض، وللباعة المتجولين، قد تواجه عدة تحديات ومشكلات بسبب الاستخدام المتعدد والمتداخل للمساحة، ومن أبرز التحديات الازدحام والفوضى، حيث إن تعدد الاستخدامات يؤدي إلى ازدحام كبير في الساحة، مما يجعل الحركة صعبة ويؤدي إلى فوضى في التعامل مع الأنشطة المختلفة.

احترام مجرى الوادي

وعن كيفية تلافي ما يحدث من مشكلات خلال نزول الأودية مع عدم وجود بديل لمساراتها قال الدكتور ناصر الكندي: الأصل في هذا الشأن أن الأنشطة التي تقام في الساحة هي المشكلة بعينها، وليس مجرى الوادي؛ فالمجرى حالة طبيعية منذ مئات السنين، وليس من السهل تغيير ذلك المسار، رغم وجود بعض السدود، وأرى أن المشكلة الحقيقة تكمن في عدم احترام مجاري الأودية، بل تجاوز الأمر إلى انتهاك ذلك المجرى، لا لشيء إلا أنه يمر من أمام السوق وقد رُصفت له ساحة مهيأة، الأمر الذي دفع جشع بعض التجار إلى التجاوز في استخدامات هذه الساحة، وأرى أن المشكلة تحل بتقنين استخدام هذه الساحة، أو البحث عن ساحات أخرى تكون بعيدة عن مجاري الأودية.

خطوات إجرائية وعملية

وأضاف الدكتور حافظ بن أحمد أمبوسعيدي: نظرًا لما يمثله الوادي من قيمة المتعة والجمال إلى واجهة السوق، فإن الأمر يجب أن يتخذ جوانب إجرائية وعملية متسارعة لحل المشكلة، مع الاستفادة من تجارب الدول والبيئات المماثلة، فيمكن عمل مواقف رأسية بعدة طوابق مع تصميمها بما يحقق مرونة الحركة المرورية وانسيابها، كما يمكن تصريف مياه الوادي تصريفًا سفليًا تحت الساحة، ويمكن بناء سدود حماية متقدمة قبل المنطقة بمسافة بعيدة.

وأوضح الدكتور محمد البوسعيدي أن فكرة إنشاء مواقف متعددة الطوابق أو تحت الأرض جيدة، ولأن الساحة تُستخدم كمواقف رئيسية للسيارات، فيمكن التفكير في إنشاء مواقف متعددة الطوابق أو مواقف تحت الأرض لتقليل استخدام المساحة السطحية بشكل كبير، مما يتيح المجال لفتح مسارات أفضل للأودية أو لتخصيص مساحات أخرى لأنشطة السوق، كذلك تخصيص مناطق منفصلة للأنشطة المختلفة وتوسعة الساحة إلى الجنوب، وبعدها يمكن تقسيم الساحة إلى مناطق محددة بوضوح لكل نوع من الأنشطة (مثل مواقف للسيارات، وسوق الجمعة، وللأنشطة الأخرى)، وهذا سيساعد في تقليل التداخل بين الأنشطة ويسهل إدارة المكان بشكل أفضل.

ويرى الدكتور ناصر الكندي أن بقاء الساحة ممرًا رئيسًا للوادي هو أمر مهم حيث قال: لماذا لا نطرح خيارات أخرى؟ ولماذا يتم التركيز على هذه البقعة؟ ولماذا لا يتم تطوير مناطق جديدة؟ أليس لدينا تجارب مشابهة في سلطنة عمان، كتجارب إنشاء سوق سندان، أو سوق الفواكه المركزي في بركاء؟ كان البعض يظن أن مواقع الأسواق القديمة لا يمكن الاستغناء عنها حتى ثبت عكس ذلك، ولدينا تجربتين ناجحتين في نزوى، الأولى نقل الصناعية القديمة من وسط نزوى إلى منطقة كرشاء، كذلك أنشئت في منطقة فرق العديد من المراكز التجارية الحديثة، ونستطيع القول إن هاتين التجربتين قد أسهمتا ولو بالقليل في تطوير المناطق التي أنشئت فيها، ألم يحن الوقت للاستفادة من مناطق مرفع دارس وتنوف وطيمسا، وجميع قرى نزوى ومناطقها في تلك الاتجاهات؟ حيث إن لنزوى امتدادات رائعة شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا، وعلى المطور لها أن ينظر لجميع تلك الاتجاهات، وألا يقتصر نظره على منطقة جغرافية صغيرة. وأضاف الدكتور حافظ: الحل أن تطرح هذه المشكلة لعدد من الجامعات والمختصين في تخطيط المدن، وذلك بعقد ندوة خاصة أو اجتماع حواري في هذا الشأن، ويتم مناقشة ذلك أو اقتراحها كمشروعات طلابية أو بحثية، كما نؤكد على ضرورة إشراك القطاع الخاص والقائمين على مشروعات التطوير والاستثمار العقاري والسياحي والاقتصادي في الولاية، وأقترح كذلك عمل استبانة اقتراحية لجمع أكبر قدر ممكن من الآراء والاستفادة منها، وفي الوقت نفسه عرض تجارب الدول والمناطق المشابهة للمضي قدمًا في إيجاد الحلول المناسبة.

وقدّم الدكتور محمد البوسعيدي مقترحات أخرى لمعالجة المشكلة، إذ قال: يمكن إنشاء شوارع التفافية مثلًا خلف كتيبة الجبل وسعال وخلف غاف الشيخ وحي العين، وذلك لفتح مسارات جديدة للسكان والزوار وتكملة الشارع المحاذي للوادي من جهة الغرب وربطه بشارع غاف الشيخ مقابل مجلس نزوى العام، كذلك أهمية التوعية والتوجيه من خلال حملات توعية للسكان والباعة المتجولين والزوار حول كيفية استخدام الساحة بشكل آمن ومرتب، وهكذا يمكن تقليل الفوضى، إضافة إلى ذلك، يمكن وضع لافتات واضحة توجه الناس إلى طرق السير المناسبة وتجنب المناطق المزدحمة وتنظيم وجدولة الأنشطة، إذ يمكن أن تسهم إعادة ترتيب أوقات الأنشطة بحيث لا تتزامن بعض الفعاليات مع نزول الأودية أو الازدحام العام في الساحة، مما يقلل من ضغط الحركة على المساحات الضيقة، وأخيرًا التعاون مع المجتمع المحلي، حيث أهمية التنسيق مع المجتمع المحلي، بما في ذلك أصحاب المحلات التجارية والباعة المتجولين، لتنظيم سير العمل داخل الساحة وضمان عدم تعارض الأنشطة مع بعضها.

وطرحنا هذه التساؤلات أيضًا للمهندس أحمد بن زايد البوسعيدي عضو المجلس البلدي ممثل ولاية نزوى لمعرفة وجهة النظر البلدية في هذا الشأن وكيفية التوفيق بين مطالب المواطنين ومرتادي السوق، حيث بدأ الحديث قائلًا: إن سوق نزوى من أشهر الأسواق المحلية التقليدية في سلطنة عمان، ولا يزال حاضرًا بمكانته التراثية والتقليدية وفنه المعماري القديم، حيث يعود السوق إلى ما يقارب 400 سنة، ولا أحبذ استخدام كلمة «عيوب» لوصف ساحة المواقف الممتدة في الوادي، فهي فعلًا واسعة وممتدة في واجهة السوق وتصل المساحة الحالية المرصوفة إلى ما يقارب 20 ألف متر مربع، ولكن من الممكن القول إن سوق نزوى أصبح أيقونة وواجهة تجارية وسياحية في محافظة الداخلية وأصبحت الساحة لا تستوعب الكم الهائل اليومي من الحركة التجارية والسياحية على مستوى محلي وإقليمي، ناهيك في نهاية الأسبوع وأيام الإجازات الرسمية والفعاليات، فبفضل شباب ولاية نزوى الطموحين والقائمين على حارة العقر جعلوا المنطقة قبلة سياحية مرموقة في الولاية.

وقال: إن الإشكاليات التي تحتاج إلى حلول سريعة وحالية هي إشكاليات مداخل السوق ومخارجه في الساحة وعدم كفاية مواقف السيارات كون الساحة عبارة عن مجرى للوادي، وهنا لب الموضوع، حيث إن هناك متابعات مستمرة وجهود واضحة يبذلها مكتب المحافظة وبلدية الداخلية لهذه المعوقات والإشكاليات في ساحة السوق، فقد تم إسناد مشروع إنشاء مخرج إضافي للمركبات لتعزيز انسيابية الحركة المرورية وحل إشكالية الدخول والخروج، وكذلك توسعة ساحة المواقف من جهة الجنوب بمساحة إضافية لزيادة عدد المواقف وهي سبب من أسباب التزاحم.

وعن تلافي ما يحدث من مشكلات خلال نزول الأودية مع عدم وجود بديل لمساراتها قال: نعم ساحة السوق عبارة عن مجرى للوادي وجميع تجار السوق ومرتاديه والباعة المتجولين تأقلموا على ذلك ولا يشكل لهم ذلك هاجسًا ولا إشكاليات، حيث إن الباعة المتجولين ينشطون يوم الجمعة صباحًا فقط وبعد ذلك يزيلون كل معروضاتهم وتبقى الساحة مفرغة، وكما تعلمون نادرًا ما تنساب الأودية، واليوم هناك المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة خلال الأنواء المناخية، والناس مدركة ومتابعة لأحوال الجو، إضافة إلى ذلك هناك إدارة لسوق نزوى تنظم وتتابع كل مواضيع السوق المختلفة وتسعى لراحة تجار ومرتادي السوق بشكل عام، ولا تسمح لأي معيقات أو مسببات قد تؤثر على انسيابية جريان الأودية في حالة جريانها.

وأضاف: الناس تستبشر وتفرح بهطول الأمطار وجريان الأودية، وأصبح الجميع والحمدلله على وعي ودراية بخطورتها، ونادرًا ما تقع حوادث في ساحة السوق في السنوات القريبة، وأما الذي يسببه جريان الأودية من جرف لكميات كبيرة من الرمال وتجمعها فقد تراكمت خبرات دائرة البلدية في نزوى مع جهود الأهالي والمؤسسات المحلية المتعاونة لإزالة وتنظيف الساحة في ساعات معدودة.

وعن أبرز الحلول التخطيطية وإمكانية استغلال المواقف عموديًا وتخصيص طوابق لكل نشاط قال البوسعيدي: تم حديثا توقيع اتفاقية تمديد الساحة بمساحة واسعة ولكن لن تكون كافية ومستوعبة للكم الهائل من الحركة، وخاصة في أيام الإجازات والأعياد والفعاليات التي أصبحت تتكرر وتتنوع في ساحة السوق، لذلك يمكن استغلال المواقف عموديًا لإيجاد ساحات إضافية علوية لاستيعاب عدد أكبر من المواقف، التي من الممكن أن تستخدم لساحات عرض مختلفة وللباعة المتجولين وغيرها من الأنشطة التي سوف تستحدث بسبب هذا التوسع، مضيفًا أنه تم طرح هذا المقترح للجهات المعنية بإضافة طابق أو أكثر من الجهة الجنوبية وليس في مواجهة بوابات السوق، كونه من المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي ويحظى باهتمام المجتمع الدولي، وقد لقي هذا المقترح قبول المجلس البلدي والمحافظة، ونأمل رؤيته على أرض الواقع قريبا ليكون من الحلول المستقبلية المستدامة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق