«الفكرة» أقوى من الشهداء وأبقى - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتصور البعض أن استشهاد زعيم حركة حماس يحيى السنوار يوم الأربعاء الماضي من شأنه أن يجلب السلام لقطاع غزة ويعزز احتمالات حل الدولتين! هذا التصور يتجاهل الأسباب الحقيقية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لم يكن السنوار ولا إسماعيل هنية عقبة حقيقية أمام السلام ولا أمام حل الدولتين الذي بات فـي الإستراتيجية السياسية والدينية الإسرائيلية أقرب إلى المستحيل.. والمشكلة الحقيقية تكمن فـي الفكر المتطرف للحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو.

رغم ذلك فإن أحداث التاريخ تكشف أن قتل القادة غالبا ما يؤدي إلى المزيد من التصعيد بدلا من الحل الذي يتحدث عنه بعض الغرب فـي الوقت الحالي رغم أن إسرائيل نفسها تقول إن «قتل» السنوار لا ينهي وحده الحرب! كما يكشف التاريخ فـي مدوناته أن التركيز على إستراتيجية «الاغتيالات» تقوض المراحل التي وصلت لها الدبلوماسية وما صاحبها من تنازلات عبر التفاوض الطويل وتعيد الأمر إلى نقطة الصفر، وهذا ما أكدته حركة حماس من أنها لن تسلم الأسرى الإسرائيليين دون وقف كامل للحرب ودون تحرير كامل للمعتقلين الفلسطينيين فـي السجون الإسرائيلية.

ورغم أن حماس كانت متمسكة بشروطها المفهومة التي تحفظ بعض كرامة الفلسطينيين فـي قطاع غزة إلا أن العقبة الحقيقية أمام إبرام أي اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة طوال العام الماضي كانت تتمثل فـي رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة، وفـي ظل تغليبه لمصالحه السياسية حتى على مصالح الإسرائيليين أنفسهم غابت كل فرص إبرام اتفاقات مع حركة حماس توقف الحرب، وقبلها تبخرت كل فرص حل الدولتين والتي وافقت عليها حركة حماس فـي مرحلة من المراحل. ظلت سياسات نتنياهو تعطي الأولوية باستمرار للتدابير الأمنية والمستوطنات والحفاظ على الوضع الراهن على المفاوضات الحقيقية مع القيادة الفلسطينية. حتى فكرة التطبيع التي طرحتها المبادرة العربية فـي مرحلة من المراحل حولها نتنياهو إلى تطبيع فردي حتى يفكك فكرة الخيار العربي للتطبيع مع إسرائيل، على سوئه، إلى تطبيع مفرد يزيد من الفجوة بين الدول العربية، ويعقد خيارات السلام الحقيقية.

إن إنهاء الحرب وفرص السلام تحتاج إلى العودة إلى أصل المشكلة وجوهرها وعدم العودة إلى حدث شبيه بطوفان الأقصى لا يحتاج غياب السنوار عن المشهد بل يحتاج إلى علاج جذر المشكلة والمتمثل فـي إنهاء الاحتلال وإعلان دولة فلسطينية مستقلة على حدود الخامس من يونيو 1967 على أقل تقدير.

ورغم رمزية السنوار فـي معركة طوفان الأقصى إلا أنه «الفكرة» الحقيقية المتمثلة فـي النضال من أجل الدولة الفلسطينية ومن أجل الحق الإنساني أكبر من السنوار بكثير وستبقى بعد السنوار ومن يأتي بعده إلى أن تتحقق الدولة الفلسطينية المستقلة ويعيش الفلسطينيون فـيها بكرامة إنسانية.

أما الواقع الأمني الذي يريد نتنياهو تغييره فـي المنطقة فهو محض وهم، فلا يمكن أن يتحقق الأمن الذي يسعى إليه فـي ظل غياب الدولة الفلسطينية لأنها «الفكرة» الجوهرية فـي كل المشهد وما عداها مجرد أدوات.

أخبار ذات صلة

0 تعليق