نازحون غزيون: لا مكان يأوينا - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غزة – مراسل «عُمان» - بهاء طباسي: لم تجد أسرة علاء عبد الخالق المكونة من 3 أفراد مأوىً لها سوى «التوك توك» بعد أن قصفت المقاتلات الحربية للاحتلال منزلهم، غربي مدينة رفح، في مايو الماضي، ما اضطرهم للنزوح إلى محافظة خان يونس، والتعرض للتهجير القسري داخلها أكثر من مرة، في ظل أوامر جيش الاحتلال المتكررة بإخلاء مناطق عدة في المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة.

استخدم «علاء» أقمشة الستائر في تغطية ظهر «التوك توك» وجوانبه ومقدمته وخلفيته، بهدف الوقاية من أشعة الشمس الحارقة نهارًا، وتوفير مكان مستور لنوم زوجته وطفليه الاثنين ليلًا. وعن سبب نزوحه إلى مركبة أجرة. يقول علاء: «أسعار الخيام مرتفعة جدًا. تصل إلى ألفي شيكل. وأنا لا أملك هذه القدر من المال، في ظل تعطلي عن العمل في توصيل الزبائن».

وتسهل الإقامة في «التوك توك» على أسرة «علاء» التنقل من مكان إلى آخر، في ظل أوامر جيش الاحتلال بإخلاء مناطق النزوح مرات عدة، وبخصوص هذا الأمر.

يشير النازح الثلاثيني إلى أن العائلة نزحت من منزلها المدمر في مدينة رفح، بالتزامن مع اجتياح جيش الاحتلال المدينة الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة، حتى استقروا في خيمة بمدينة حمد، شمال خان يونس، ولكن قوات الاحتلال أمرتهم مطلع الشهر الماضي، بالنزوح مجددًا، فانتقلوا إلى منطقة المواصي غربًا.

ويوضح: «عندما وصلنا إلى المواصي، وجدناها مكتظة عن آخرها بالنازحين. آلاف الخيام في الشوارع المكسرة المليئة بالنفايات والقمامة. لدرجة أن هناك أسر كانت تقيم على الأرصفة بلا أي شيء يظلها. وعائلات أخرى كانت تعيش في ظل الأشجار».

ويردف: «حينذاك قررت ركن التوك توك في ظل أحد المباني الشاهقة، بعيدًا عن الخيام المكتظة بالنازحين، واتخذت منه مأوىً لأسرتي، تحسبًا لأمر جديد من حيش الاحتلال بالنزوح للمرة الرابعة».

يشكو سائق «التوك توك» البطالة في ظل شُح السولار اللازم لتشغيل المركبة، وارتفاع سعر المتوفر منه إلى حوالي 18 دولارًا مقابل اللتر الواحد. مشيرًا إلى أن الزبائن يتضايقون من رفع تعريفة الركوب إلى نحو 50 شيكل، بعد أن أصبح أغلبهم فقراء، بسبب الظروف المعيشية الصعبة، التي فرضها عليهم العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 11 شهرًا.

يضيف «علاء»: «فضلت ركن التوك توك. الحرب خلتنا مش عارفين نشتغل ولا نعمل أي حاجة».

تقضي أسرة «علاء» نهارها تحت ظل قماشة رفعوها بين حائط المبنى والتوك توك، فيما تنام الزوجة والطفلان على أريكة المركبة الصغيرة وأرضيتها المحدودة ليلًا.

تقول الزوجة نهى عبد الخالق: «نعيش حياة نزوح غير آمنة. تلفحنا أشعة الشمس الحامية في النهار. وفي الليل أنام القرفصاء محتضنة طفلي الأصغر عُمر على تلك الأريكة القصيرة، ويرقد طفلي الأكبر يونس، على وسادة تحت الأريكة، فيما ينام زوجي على وسادة في العراء بجانب المركبة».

فقر ومعاناة

تقول "نهى": نعيش فقط على تسول أطعمة المعلبات، التي ألهبت بطوننا. صرنا نحلم بتناول الخضراوات والفاكهة واللحوم والدجاج، بعد ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، واختفائها تقريبًا من الأسواق. حتى الخبز ارتفع سعره إلى 1 شيكل مقابل رغيفين فقط.

وتشير إلى معاناتها وزوجها يوميًا من أجل توفير المياه لأطفالهما: «نصطف في طوابير طويلة أمام محطة التحلية في خان يونس منذ التاسعة صباحًا وحتى الظهيرة، من أجل توفير جالونين من المياه غير المفلترة لأغراض الشرب والاستحمام والغسيل والطهي». لافتة إلى إرتفاع أسعار المياه المعبأة في الأسواق إلى 5 شواكل مقابل الجالون الواحد. متسائلة «من وين نجيبها ونحن لا نملك ثمن الخبز الحاف؟».

وتعجز بلدية خان يونس عن تشغيل منظومة المياه بكفاءة، وسط عدم توافر المولدات وشُح الوقود، وتدمير جيش الاحتلال حوالي 70% من آبار المياه في المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة. ومؤخرًا لجأت سلطات البلدية إلى تشغيل محطة تحلية مياه البحر بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومصلحة مياه بلديات الساحل، لكنهم في الوقت نفسه يواجهون صعوبات كبيرة، بسبب نقص المعدات وأدوات التشغيل.

يصرخ الطفل عمر عبد الخالق، البالغ من العمر عامين، باكيًا، بعد أن ألهبت الأقمشة البالية فخذيه، فيما تهدهده أمه على رجليها، وتربت بيديها على جسده الهزيل في محاولة منها لتهدئته، مشيرة إلى أنها تضطر إلى استخدام القماط بديلًا عن البامبرز، الذي أصبح سلعة شحيحة، وارتفع ثمنه إلى أكثر من 200 شيكل للعبوة الواحدة.

وتوضح الأم الفلسطينية أن طفلها الصغير «أصيب بالتهابات شديدة وتسلخات، كونه يقضي حاجته ليلًا في هذه الأقمشة البالية، وسط ارتفاع درجات الحرارة». لافتة إلى نقص الأدوية في المستشفيات والصيدليات، وبينها بودرة الأطفال والمراهم الضرورية لعلاج الالتهابات الجلدية عند الأطفال.

أخبار ذات صلة

0 تعليق