عندما صدرت وثيقة «رؤية عُمان 2040»، قررت مع اثنتين من الصديقات عقد جلسات أسبوعية لقراءتها بتمعن. كنا أنا وإحدى الصديقات، قد تقاعدنا حديثًا من وظائف مرموقة، وبدأنا نتساءل: «ما الذي يمكننا تقديمه بعد التقاعد؟» رغم أننا لم نكن جزءًا من صياغة الرؤية أو تنفيذها بشكل رسمي، إلا أن التقاعد منحنا فرصة ذهبية للتفكير في كيفية الإسهام في بناء الوطن. فقد أدركت شخصيًا أن العطاء لا يرتبط بالمسمى الوظيفي، بل بالإيمان بأن الوطن يحتاج إلى الجميع، أيا كان موقعهم.
«رؤية عُمان 2040» ليست مجرد وثيقة، بل خارطة طريق طموحة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام يتسع لنا جميعًا. تفتح هذه الرؤية آفاقًا واسعة للاستثمار في قطاعات واعدة تعزز النمو الاقتصادي وتحقق الاستدامة. ويعد قطاع التكنولوجيا والابتكار من بين أبرز هذه القطاعات، حيث تركز الرؤية على التحول الرقمي وتشجيع الإبداع لإيجاد حلول تخدم الاقتصاد والمجتمع.
قطاع السياحة كذلك يحمل فرصًا استثنائية، حيث تسعى سلطنة عمان إلى أن تصبح وجهة سياحية عالمية من خلال تطوير السياحة البيئية والثقافية والرياضية. فالتراث الغني والطبيعة الخلابة لعُمان يتيحان المجال لتقديم تجارب سياحية مبتكرة تستهدف السياحة الداخلية والخارجية على حد سواء، وهو ما لمسناه في إبداعات الشباب والمجتمع المحلي.
أما قطاع الخدمات اللوجستية، فيمثل فرصة كبيرة بفضل الموقع الاستراتيجي سلطنة عمان. تعزيز النقل والخدمات المرتبطة به يمكن أن يعزز مكانة عُمان كمركز لوجستي عالمي يخدم الأسواق الإقليمية والدولية.
«رؤية عُمان 2040» هي مشروع وطني شامل يستدعي مشاركة الجميع. لسنا بحاجة إلى صفة رسمية لنكون جزءًا من هذه المسيرة، بل بإمكاننا، أينما كنا، أن نسهم في البناء. التقاعد ليس نهاية العطاء، بل بداية لفرص جديدة يمكننا من خلالها استثمار وقتنا وخبراتنا لخدمة وطننا.
لقد علمتني تجربتي أن دائرة العطاء تتسع بعد التقاعد، وأن الوطن بحاجة لكل يد تسهم في تحقيق طموحاته. مع رؤية طموحة كهذه، لدينا جميعًا فرصة لترك بصمة دائمة على مسيرة بناء هذا الوطن المعطاء.
حمدة الشامسية - كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
0 تعليق