يبدو أن العلاقات الأمريكية -الصينية، تتجه نحو مزيد من التصعيد، والانتقال من المنافسة إلى الصراع مع مرحلة الانتقال من الإدارة الأمريكية الحالية إلى الإدارة الجديدة الشهر المقبل؛ حيث تواصل واشنطن اتخاذ خطوات تعتبرها بكين استفزازية وتتعارض مع نهج خفض التصعيد الذي تدعو إليه بهدف إقامة علاقات طبيعية بين البلدين؛ حيث تتعمد الإدارة الأمريكية ممارسة الضغوط عليها في ما يتعلق ببحر الصين الجنوبي، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، إضافة إلى تايوان، في إطار الإستراتيجية الأمريكية لاحتواء الصين باعتبارها تمثل تحدياً للنفوذ والمصالح الأمريكية في آسيا والعالم.
هذا الموقف الأمريكي عبّر عنه نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل بقوله إن الصين «تمثل التحدي الأكبر في تاريخنا»، وأضاف: «بصراحة، الحرب الباردة نسخة باهتة مقارنة بالتحدي متعدد الأوجه الذي تمثله الصين». والتحدي الذي تتحدث عنه واشنطن يتمثل في اتساع علاقات الصين مع دول العالم، وتقدمها الاقتصادي والتقني، وتطور قدراتها العسكرية ومشاريع التنمية التي تقودها من خلال «الحزام والطريق».
لذلك، عندما قررت إدارة الرئيس بايدن مؤخراً تقديم 567 مليون دولار بصفتها دعماً دفاعياً لتايوان لتعزيز قدراتها العسكرية في مواجهة الصين لم تتأخر بكين في الرد على هذه الخطوة التي اعتبرتها «انتهاكاً بشكل خطِر لسيادتها ومصالحها الأمنية وتدخل صارخ في شؤونها الداخلية»، باعتبار أن تايوان تشكل جزءاً من أراضيها. وقالت الخارجية الصينية إن واشنطن «تنتهك مبدأ الصين الواحدة».
وقبل ذلك، كانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد أصدرت تقريراً عن القدرات العسكرية الصينية تحدث عن الفساد في الجيش الصيني الذي «قد يعرقل تحقيق أهداف التحديث العسكري لعام 2027»، وهو ما استفز بكين واعتبرت أنه «غير مسؤول»، وذريعة من الولايات المتحدة «للحفاظ على هيمنتها العسكرية».
وأضافت: «إن الاستراتيجية الأمريكية، أصبحت أكثر تصادمية، وتمثل أكبر تهديد للأمن العالمي»، وقالت إن الولايات المتحدة تستخدم تفوقها العسكري: «للحفاظ على الهيمنة الآحادية القطب، والتغيير العنيف للسلطة، وكذلك لإثارة ثورات ملونة».
وقبل أيام، كانت وزارة الدفاع الأمريكية، أعلنت أن جيش الصين ضاعف صناعة ترسانته من الرؤوس الحربية النووية ثلاث مرات تقريباً منذ عام 2020، وهو في طريقه إلى امتلاك 1000 رأس حربي بحلول عام 2030، وردت بكين على ذلك بقولها إنها «تلتزم دائماً باستراتيجية نووية للدفاع عن النفس، ونحافظ على قدراتها النووية عند الحد الأدنى المطلوب للأمن القومي».
على الرغم من المحاولات التي بذلت للتخفيف من حدة التوتر بين البلدين، من خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين في مارس/آذار الماضي، واللقاء بين الزعيم الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي جو بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في البيرو على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، فإن العلاقات بينهما لم تحقق تقدماً، أو تخفف من حدة التوتر بينهما، وظلت المواقف بينهما متباعدة خصوصاً في ما يتعلق بالملفات الخلافية الأساسية. وهذا يعني أن هذه الملفات الساخنة سوف تنتقل إلى الإدارة الجديدة التي لها مواقف أكثر تشدداً تجاه بكين، وتحديداً ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والتقنية.
0 تعليق