نقلة نوعية جريئة وهامة طال انتظارها تحققت أخيراً من أجل الحفاظ على صحة الأجيال القادمة وسعياً لاستقرار صحي ومجتمعي وأسري ينشده الجميع تمثلت في الكشف عن بدء التطبيق الإلزامي للاختبار الجيني ضمن برنامج «فحوص ما قبل الزواج»، لجميع المواطنين المقبلين على الزواج على مستوى الدولة، اعتباراً من بداية يناير المقبل، وذلك بناء على قرار مجلس الإمارات للجينوم.
الاختبار الجيني لمن لا يعرفه يندرج ضمن فحوص ما قبل الزواج وهو إجراء صحي وقائي يتيح للمقبلين على الزواج الخضوع لفحوص جينية، لتحديد ما إذا كانوا يحملون طفرات جينية مشتركة، وقد ينقلونها لذريتهم مستقبلاً، وقد تتسبب لأطفالهم في أمراض وراثية يمكن الوقاية منها ويعمل البرنامج تحت مظلة وزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحة - أبوظبي، وهيئة الصحة بدبي، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية ودبي الصحية.
الاختبار يغطي الجيني 570 جيناً لأكثر من 840 حالة طبية، ويُعد إجراءً في غاية الأهمية، كونه يساعد المقبلين على الزواج على تقييم مخاطر إنجابهم أطفالاً مصابين بأمراض وراثية.
هذا التحول الذي أمامنا ويطبق في القريب العاجل عبارة عن تسخير إمكانات علوم الجينوم وأحدث التقنيات لتعزيز القدرة على اتخاذ القرارات الواعية والتأسيس لأسرة معافاة والحفاظ على صحة وعافية أفراد المجتمع وتوفير مستقبل أكثر صحة للأجيال القادمة، إذ يُمكّن من الوقاية من الأمراض الوراثية والارتقاء بالقدرة على التدخل المبكر ضمن مختلف المراحل.
الإمارات السباقة في جميع الممارسات وفي مقدمتها الصحية قطعت خطوات طويلة في هذا المجال ووضعت في 2023 استراتيجية الجينوم الوطنية التي تستهدف الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية وجودة الحياة في دولة الإمارات من خلال بناء منظومة متكاملة لتطوير وتفعيل برامج الطب الدقيق والرعاية الصحية الشخصية، ودعم الأطباء وخبراء القطاع في اتخاذ خطوات استباقية ومسارات علاجية أكثر فاعلية، وتطوير وبناء القدرات البحثية في القطاع.
بفضل البيانات التي وفرها برنامج الجينوم الإماراتي، تم اكتشاف 12% من المتغيرات الجينية الجديدة والتي تتضمن أن أكثر من 25% من الإماراتيين لديهم جينات تجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط النفسية، وأن 46% من الإماراتيين لديهم متغيرات جينية تساعد على هضم اللاكتوز في منتجات الألبان، وأن 20% من الأجيال القادمة من الإماراتيين لديهم مخاطر أعلى للإصابة بداء السكري من النوع الأول.
بلادنا والحمد لله تسخر كل الطاقات وتوظف الإمكانات البشرية والمادية لصحة المجتمع وتطبيق أحدث الممارسات وبعد أن وفرت أحدث العلاجات اتجهت للوقاية بكل صورها وأشكالها.
0 تعليق