العالم بين عامين - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

فيما يستقبل العالم عام 2025 على أمل أن يكون مختلفاً عن 2024، إلا أن المؤشرات لا تدل على أن شيئاً سوف يتغير، بل قد تزداد الأمور سوءاً. هذه ليست نظرة سوداوية لما تحمله الأيام المقبلة، بل هي طبيعة الاستراتيجيات العالمية المتصادمة التي تسير وفق منطق القوة التي تفرض نفسها، وتسعى لتحقيق أهدافها من دون النظر إلى حاجة العالم إلى تشابك المصالح التي تفرض التعاون، وتعزيز العلاقات من أجل الأمن والسلام العالميين.
وإذا كان العالم يسعى لإقامة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يوفر مزيداً من العدالة والمساواة بين مختلف الدول، من منطلق الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية، ويضع حداً لمنطق الهيمنة وإعلاء القوانين الخاصة على حساب القوانين الدولية، واستباحة سيادة الدول واستقلالها، وتطبيق ازدواجية المعايير بما يتناقض مع مبدأ حقوق الإنسان، إلا أن واقع الأمر يؤكد أن مسعى الانتقال من نظام عالمي إلى نظام عالمي جديد يصطدم بإصرار على إبقاء الأوضاع كما هي، ما يفرض استمرار الصراع بوسائل مختلفة، مباشرة أو بالوساطة، أي المزيد من الفوضى والحروب، واتساع مساحة الدمار والقتل من دون التزام بأي ضوابط قانونية أو إنسانية أو أخلاقية، وتجاوز كل المواثيق والاتفاقات التي وضعها العالم للحد من استشراء منطق القوة المنفلتة من أي قيود.
إن نظرة بسيطة لحالة العالم عام 2024، تعطينا فكرة عن حجم الأهوال والكوارث التي تضرب أكثر من مكان في مختلف القارات، وتهدد بانهيار كل حدود السلام وصولاً إلى حرب عالمية جديدة ربما تحمل نذر حرب نووية تضع نهاية لهذا العالم.
هنا في منطقتنا العربية هناك عدوان إسرائيلي على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، يحظى بضوء أخضر غربي - أمريكي يتخذ شكل إبادة جماعية مع ارتكاب جرائم حرب يومية غير مسبوقة في تاريخ الحروب، محمولة بمخططات توسعية لتغيير خريطة المنطقة، مع عجز دولي عن وضع حد لهذا التطهير العرقي والإبادة، من خلال تطبيق القرارات الدولية ومعاقبة إسرائيل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
وهناك الحرب الأوكرانية التي بدأت في فبراير/شباط 2022، التي تلتهم الأخضر واليابس وتقتل مئات آلاف البشر من عسكريين ومدنيين، وهي مرشحة لمزيد من التصعيد في ظل إصرار غربي على هزيمة روسيا، وما تحمله من احتمالات التوسع واستخدام أسلحة متطورة جديدة، وتلويح بحرب نووية.
وتشهد العلاقات الصينية الأمريكية المزيد من التحديات الإضافية، مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى السلطة. فهناك أزمة تايوان المتفاقمة، والوضع في بحر الصين الجنوبي، والتنافس الاقتصادي والتقني القائم، إضافة إلى المخاوف الأمريكية من تزايد القدرات العسكرية الصينية، مع توقع حرب اقتصادية بينهما على خلفية إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب فرض ضرائب جديدة على المنتجات الصينية قد تصل إلى 60 في المئة.
كذلك، هناك الوضع المتفجر في شبه الجزيرة الكورية واحتمالات الصدام بين الكوريتين، نظراً لانسداد أفق أي تسوية بينهما، وإصرار بيونغ يانغ على امتلاك أسلحة نووية لمواجهة الوجود العسكري الأمريكي في الجنوب.
هناك أيضاً جيوب لحروب أهلية في السودان والصومال، وبعض دول آسيا، ووجود إرهابي في منطقة الساحل الإفريقي، وهناك حالة عدم استقرار في بعض دول أوروبا الشرقية، وتهديدات ب«ثورات ملونة» لتغيير أوضاع قائمة.
لكل ذلك، فإن العالم يستقبل العام الجديد وهو مثقل بأزمات وحروب، ومع ذلك يحدوه الأمل بعام مختلف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق