لأول مرة منذ أكثر من عام، يبدو أن المفاوضات بين حماس وإسرائيل لإبرام صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بالرهائن الإسرائيليين تحقق تقدماً حقيقياً وباتت على مشارف نهايتها، جراء الضغوط الأمريكية المباشرة من جانب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، على أن تكون منجزة قبل تولّي الأخير منصبه في العشرين من الشهر الحالى.
هذا التبدل المفاجئ في المفاوضات، وتخلي بنيامين نتنياهو عن محاولات العرقلة طوال الفترة الماضية للحؤول دون سقوط حكومته، والبقاء في السلطة تحاشياً لتداعيات محاكمته بتهمة الفساد، سببه أن الضغوط الأمريكية ازدادت عليه للتوصل إلى الصفقة مهما كان الثمن، لأن الإدارة الأمريكية الجديدة لديها ملفات أمنية أخرى أكثر أهمية، وأن الحرب الإسرائيلية على غزة تحولت إلى حرب استنزاف للجيش الإسرائيلي، إضافة إلى أن إسرائيل لن تستطيع ممارسة المزيد من الضغوط العسكرية لتخليص الرهائن أحياء، والأهم أن حكومة نتنياهو لا تستطيع الإضرار بالعلاقات مع إدارة ترامب لأنها ستحتاجها مستقبلاً في قضايا إقليمية أخرى.
ناهيك عن تزايد المطالبات الشعبية، ودعوات المعارضة المتزايدة لإبرام صفقة الآن قبل فوات الأوان، وخصوصاً أن حماس خففت من شروطها بناء على طلب من مصر وقطر، وإفساح المجال أمام القطاع كي يتنفس ويسترد بعض حياته جراء حرب الإبادة التي يتعرض لها، وانعدام كل وسائل الحياة من طعام ومياه ومستشفيات ومدارس وتهجير.
لأول مرة يتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن تقدم حقيقي في المفاوضات، وإنجاز أكثر من 90 في المئة من الصفقة، ويؤكدون أن بقاء الوفد الإسرائيلي المفاوض رفيع المستوى الذي يضم رئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ورئيس ملف احتجاز الرهائن في الجيش نيتسان آلون في الدوحة يدل على أن الطريق بات معبداً أمام التوصل إلى اتفاق، إلا في حال قلَب نتنياهو ظهر المجن، كما هي عادته.
لكن مصادر إسرائيلية حكومية تحدثت عن دخول المفاوضات مرحلة حاسمة، وهي تحتاج إلى ثلاثة أو أربعة أيام لإنجازها والتصديق عليها، ذلك أن نتنياهو أبلغ الرئيس بايدن خلال محادثتهما يوم أمس الأول، أنه عازم على إبرام الصفقة حال اكتمالها، كذلك أبلغ ستيف فيكتوف مبعوث الرئيس ترامب الشيء نفسه.
ووفقاً لقناة «كان»، فإن نتنياهو يقوم في الساعات الأخيرة بحملة ضغط على وزير المالية سموريتش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير لإقناعهما بالصفقة، ويبدو أنه أقنعهما بعدم تفكيك الحكومة، وحتى في حال عدم موافقتهما على الصفقة فإن هناك بدائل لجزبيهما لتشكيل مظلة أمان له.
نائب الرئيس الأمريكي المنتخب جي دي فانس متفائل بدوره ويتوقع إبرام الصفقة قبل دخول ترامب البيت البيض، وهو ما يدل على أن الصفقة باتت على بعد أمتار فقط، وربما تقود إلى نهاية حرب غزة، ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» فإن الولايات المتحدة سوف تضع حداً للحرب في حال التوصل إلى صفقة مع إسرائيل.
يبدو أن الرئيس الأمريكي الذي ينهي خدمته بعد أيام في البيت الأبيض يريد مكافأة نهاية خدمة، وهو قد يحصل عليها في «الصفقة»، أما ترامب فهو يحاول أن يثبت أقواله بأفعاله بإنجاز «الصفقة» في غزة قبل تنصيبه.
0 تعليق