ظلال من شجرة الكتابة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

كانت سبعينات وثمانينات القرن العشرين في الإمارات على مستوى الإنتاج الأدبي سنوات خصب إبداعي متميّز في فن القصة القصيرة على نحو خاصّ، ومن يقرأ أرشيف تلك المرحلة المُدَوّن والذاكراتي يقف على صفّ من الكاتبات والكتّاب يتموضعون زمنياً وثقافياً تحت عنوان الروّاد والمؤسّسين، ولكل منهم شخصيته الكتابية المستقلّة عن الآخر ولو كانت هناك مشتركات مكانية في تكوين هذه الشخصية مثل مفردات البحر كالغوص على اللؤلؤ، واحتكاره لشخصية النوخذة، والموت الغامض والتراجيدي للبحّارة الفقراء في عرض ذلك الماء المجهول.
ذلك الصيف القصصي الإماراتي لا يُنسى، لأنه مكوّن أوّلي للذاكرة الثقافية المحلية: محمد المرّ، عبدالغفار حسين، شيخة الناخي، عبدالله صقر، عبد الرضا السجواني، علي أبو الريش، صالحة غابش، ظبية خميس، مريم جمعة فرج، سلمى مطر سيف، ناصر الظاهري، ناصر جبران، إبراهيم مبارك، وغيرهم ممّن توقفوا تماماً عن كتابة القصة القصيرة أو أي شكل من أشكال الكتابة، مثل مظفر الحاج مظفر الذي نشر أولى قصصه في عام 1971، وهناك أسماء أخرى انتهت أيضاً إلى المجهول والغموض، مثل محمد ماجد السويدي، وعبد الرحمن الصالح، وخليفة شاهين، وعبد العزيز خليل.
هنا، وبصرف النظر عن مآلات ومصائر العديد من أسماء ذلك الصف السبعيني الثمانيني القصصي في الإمارات ربما يتساءل القارئ أو المؤرّخ للأدب المحلي واقعياً أو ذهنياً.. لماذا القصة القصيرة كانت سيدة الكتابة في المرحلة السبعينية والثمانينية؟؟
والجواب السريع والاجتهادي بالطبع هو أن فن القصة كان في تلك العقود الثقافية في ذروة حضوره الأدبي على مستوى الوطن العربي، كانت مصر إحدى خزانات القصة القصيرة عبر أسماء لامعة حاضرة في الذاكرة الثقافية العربية إلى اليوم: يوسف إدريس، جمال الغيطاني، يوسف القعيد، يحيى الطاهر عبدالله، على سبيل المثال وعدد آخر من الأدباء.
كان ذلك الزمن الثقافي العربي زمناً ذهبياً كما يقولون للقصة القصيرة، ولم يكن ذلك الزمن مقطوعاً عن الإمارات وكتّابها وكاتباتها الذين غَذّوا ثقافتهم الأدبية آنذاك بالأدب القصصي العالمي، حيث كانت ترجمة الأدب الروسي والصيني والأوروبي عامة في ذروتها الثقافية والنشرية، وكانت القصة القصيرة حاضرة تماماً في إطار تلك الترجمات إلى جانب الرواية، وهي المادّة الأدبية العالمية التي أقبل على قراءتها شعراء وقصّاصو الإمارات في السبعينات والثمانينات.
تلك كانت مجرد محطة سريعة في أحد مسارات الكتابة المفصلية والجميلة، في شجرة الأدب الإماراتي الحديث.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق