«صفقة» برسم التنفيذ - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

رغم التوقيع على اتفاق غزة الذي حظي بترحيب عربي ودولي واسع، والذي دخل حيز التنفيذ صباح أمس الأحد، إلا أن الشكوك حول نوايا نتنياهو الحقيقية تظل قائمة حتى في ظل ضمانات الوسطاء نظراً لقدرته على اختلاق الذرائع، وفي أية لحظة للعودة بالأمور إلى المربع الأول، وبالتالي فإن العبرة ستبقى مرهونة بالتنفيذ.
صحيح أن الإتفاق الذي جاء قبل أيام قليلة من تولي إدارة ترامب مقاليد السلطة في البيت الأبيض وُضع للتطبيق، وربما يصعب على نتنياهو الهروب من تنفيذه، إلا أن احتمالات التلاعب والعرقلة هي أكثر ما يجيده نتنياهو، كما ظهر في حديثه للإسرائيليين قبل ساعات قليلة من بدء وقف إطلاق النار. إذ تحدث نتنياهو عن إمكانية استئناف الحرب، وعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، بل وزيادة عدد قواته في هذا المحور وعن بقاء قواته في بعض المناطق وما إلى ذلك، وهي كلها تتناقض مع الاتفاق نصاً وروحاً.
ربما يرى البعض أن هذا الحديث موجه للداخل الإسرائيلي، وعلى الأخص لليمين المتطرف، وقد يكون صحيحاً، خصوصاً وأنه تحدث أيضاً عن الإنجازات التي تحققت من دون أن يتحدث عن الفشل في تحقيق أي من أهداف الحرب، طبعاً باستثناء القتل والتدمير، في مشهد يوحي بالضعف لا بالقوة. فلا الرهائن تمت استعادتهم بالقوة، بل إن القوة تسببت في مقتل العديد منهم، ولا القضاء على الفصائل الفلسطينية قد تحقق، ولم يتم تهجير الفلسطينيين، ولا إعادة احتلال القطاع، الذي سينسحب منه وفق الاتفاق، ومعه تبددت أهداف اليمين المتطرف الذي كان يتهيأ للاستيطان ويعقد المؤتمرات لهذه الغاية.
وهو ما يعكس حالة التخبط التي يعيشها نتنياهو، بعد أن فقد ثقة الإسرائيليين أنفسهم. فالاتفاق الذي تم توقيعه، مؤخراً، لا يختلف في جوهره كثيراً عن الإتفاق الذي أبرم في مايو/أيار الماضي، والذي تراجع عنه نتنياهو، رغم أنه كان يستند أساساً إلى مقترح إسرائيلي تبنته الإدارة الأمريكية، فلماذا وافق عليه الآن وفي هذا التوقيت بالذات؟
الفارق الوحيد هو أن أنهاراً من الدماء الفلسطينية سالت ما بين الاتفاقين، والحقيقة أن نتنياهو وافق عليه مكرهاً، وتحت ضغوط داخلية وخارجية، وتحديداً التدخل الحاسم لإدارة ترامب، إلى جانب التحولات التي ظهرت في المجتمع الإسرائيلي، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن نحو 73 في المئة من الإسرائيليين يطالبون بإبرام صفقة تبادل. لكن من الواضح أن نتنياهو لا يرى في الاتفاق سوى المرحلة الأولى فقط، وبالتالي فهو يقدم الوعود تلو الوعود للمتطرفين، بأنه لن ينهي الحرب وسيعود لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق على مدار 15 شهراً تقريباً.
وبالتالي فإن مناورات نتنياهو ستظل برسم الوسطاء وإدارة ترامب تحديداً التي أعلنت رغبتها في إطفاء نيران الحروب في المنطقة والعالم، لأن مناوراته لا تنتهي، وظلالها ستظل تحوم في الأفق حتى تنفيذ الاتفاق بالكامل، وفتح مسار حقيقي لتسوية سياسية.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق