اللاّمفكَّر فيه في ديبسيك - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هل تريد بعد هذه البيّنة من برهان آخر على أن السلحفاة تسبق الأرنب؟ ها هو «ديبسيك» يفوز بقصب السبق على «شات جي بي تي». يستطيع الذكاء الاصطناعي الأمريكي أن يحرز مرتبة ما تسمّيه الدعابة الفرنسية: «الأوّل من الذيل». لكن التنين ساخر في مكره، ماكر في سخريته، فقد أطلقت مؤسسة «علي بابا» مارد ذكاء اصطناعي جديداً، اسمه «كوين»، (ليست الملكة بالإنجليزية، يُنطق كافاً ساكنةً، واواً مكسورةً، ونوناً ساكنةً)، فاق ديبسيك، حتى توارى في الأفق. على الخوارزميات الأمريكية أن تتمثل بقول الطغرائي: «تقدّمتني أناس كان شوطهمو.. وراء خطوي إذا أمشي على مَهَلِ». وكما لم يقل أحد: «حكمةٌ قد أطلقتها سِتُّنا.. وعلى المكتوب لا يُجدي الندَمْ». 
لا تظنّنّ أن القلم عصف بفكره إعصار بورصة «وول ستريت»، الذي طاح بأحلام مئات المليارات من الدولارات، طارت بها عنقاء «ديبسيك» بين عشيّة عشواء وضحاها الأشد إعتاماً. شركة «نفيديا»، أكبر مصنّع في العالم لبطاقات الجرافيك، خسرت ستمئة مليار أخضر. مجموع خسائر الكبار قارب التريليونين. لم تكن هذه الأمور مهبط الاهتمام ولا مطاره، ولا حتى أن الشركات الأمريكية العملاقة، المطورة للذكاء الاصطناعي، أنفقت المليارات في تنمية قدرات الآلة الذكية، في حين أن ثلّة من الفتيان الصينيين عملوا بقول شاعرنا: «مشيتُ على رِسلي فكنتُ المقدَّمَا»، إذ لم يتجاوز إنفاقهم الستة ملايين دولار، أي خردلة قياساً على المبالغ المليارية التي أغدقتها جوجل، نفيديا، مايكروسوفت... على الذكاء الاصطناعي الذي أثبت أنه كان هشّ القوام عند الصدام. 
وصلنا الآن إلى بيت القصيد. بالمناسبة، لغتنا طريفة، فالقصيد في معناه المادّي القديم، هو مخّ العظم. زبدة المقصود، هي أن ديبسيك أعظم درس للتنميات المتعثرة، فهذا الذكاء الصيني غير البيولوجي، قطع الطريق على كل الذرائع التي كان يتستّر خلفها المتعللون بضيق ذات اليد وضآلة الميزانيات، فلا قدرة على الاستثمار في العلوم، ولا على تشييد صروح البحث العلمي، والنوح ليل نهار: «كيف الوصول إلى العلوم وليس لي في الأمر حيلة؟» نابغة الفريق الفريد فتاة صينيّة في التاسعة والعشرين. استخدموا بطاقات جرافيك أخنى عليها الذي أخنى على الحاسبات الخشبية، معداد السوروبان. هرمنا ونحن ننادي: أين نهضة مناهج الرياضيات والفيزياء؟ الآن حصحص الحق، سقطت تَعِلَّة الميزانيات المليارية. فريقا ديبسيك وكوين 5. 2 الصينيان، برهنا على أن الأدمغة العبقرية أعظم ميزانية، والاستثمار فيها هو سفينة نوح في دوّامات العصر، وإلاّ فتايتانيك، لا قدّر الله. 
لزوم ما يلزم: النتيجة الإفحاميّة: هل تستطيع تنمية متعثّرة إقناعنا بأن خزينتها ليس فيها ستة ملايين دولار؟
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق