عرفته قبل ما يزيد على 30 عاماً، وقبل عموده اليومي «شيء ما» الذي يكتبه في جريدة «الخليج» وأعلن التوقف عن كتابته يومياً على أن يتحول للكتابة الأسبوعية قريباً.
من يعرف حسن مدن، يعرف حق المعرفة أنه شخصية ملتزمة ليس في الكتابة اليومية كما عودنا في مقالِه وحسب، لكن حتى شخصياً في تعامله مع الآخرين، سواء كانت له معرفة سابقة بهم أو لا يعرفهم، إذا قال فعل ما وعد به أو اتفق عليه، وهو فوق ذلك قمة في الذوق والتهذيب والرقيّ في أسلوب التعامل والتعاطي، لا تراه إلّا مبتسماً باشّاً مرحّباً، يسبقك بالسلام والتحية.
ورغم مكانته العلمية والمعرفية والأدبية الكبيرة فهو في قمة التواضع، ينصت أكثر مما يتحدث، وإن تحدث أخذ بمجامع القلوب والآذان، فيما يتحدث فيه بمنطق سليم ومعلومات ثرّة وأسلوب رشيق؛ فحديثه مثل قلمه سهل ممتنع مشوّق، لا يبالغ ولا يدّعي، بل يفضل الأناة والدقة والوضوح، ويتناول ما يتناوله بفهم عميق وبلغة سهلة يفهمها الجميع بعيدة من الفذلكات اللغوية وعنتريات المصطلحات المقعّرة المعقدة.
هو ليس مجرد «شيء ما» تعودنا عليه كاتب عمود يومي، بل هو أديب بكل ما تحمله الكلمة من معنى ووعي ومفهوم وعطاء. مؤلفاته تشي بعمق معرفته وجلده على التعلم والمعرفة، وفوق كل ذلك ورغم شهرته وصيته الذي يسبقه، هو متواضع حد الخجل الذي يخجل كل من يتعاطى معه، فلا يعرف إلا أن يحترمه ويحبه.
كانت له مسيرة ثرّة مثمرة زاخرة بالعطاء الثقافي والأدبي على أرض الإمارات، قبل أن يعود إلى وطنه البحرين، لكنه ظل مخلصاً وفياً للساحة الثقافية الإماراتية، يشارك في مناسباتها وفعالياتها بكل حب.
تعودت يومياً على قراءة «شيء ما» لحسن مدن، حيث تتنوع المواضيع وتتميز بدسامة في التناول والعمق في الطرح؛ وبصدق أكثر كنت أبحث بين كل سطر وسطر، عما أسرّه لي أحد الإخوة في الجريدة، بأنه يقرأ مقالته قبل نشرها بحرص فاحص دقيق، لأنه يبثّ بين السطور الكثير مما لا تبوح به الكلمات، بل تعيه القلوب والعقول. أقرأه يومياً حتى أول أمس، حيث ودّع قراء عموده بعد 30 عاماً من الكتابة اليومية، مع وعد بالعودة قريباً في مقالة أسبوعية على صفحات صحيفته الأثيرة «الخليج».
حسن مدن، لا نودّع قلمك بل سنظل ننتظرك وننتظر «شيء ما» ونقرأ لك ونحبّك.
حسن مدن - ستاد العرب

حسن مدن - ستاد العرب
0 تعليق