حتى لا تكون سجناً لأنفسنا - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

المسلّمات الذهنية التي نرويها لأنفسنا، هي أكثر من مجرد آراء أو معلومات عابرة، هي حكايات أو سرد لحياة نعيشها، إنها تشكل الطريقة التي نرى بها أنفسنا والعالم من حولنا. نحن نميل إلى بناء المسلمات الشخصية لتساعدنا على تفسير تجاربنا، فهم ماضينا، وتوجيه مستقبلنا، لكن ما نغفل عنه أحياناً هو أنها قد تصبح عائقاً حقيقياً أمام تطورنا، وتحد من قدرتنا على اتخاذ قرارات صائبة أو السير في مسارات جديدة
منذ الطفولة، يتعلم كل منا كيف يضع الضوابط والقوانين والحدود والمسلمات، وكأنها أدوات لحماية أنفسنا وتفسير الأحداث التي نواجهها، لكن مع مرور الوقت تصبح جزءاً من هويتنا، وكأنها إشارات مستمرة عمن نحن، وما يمكننا القيام به أو لا يمكننا فعله. إنها قصص قد تحتوي على معتقدات عن قدراتنا، حدودنا، أو حتى القيم التي نعتقد أنها تحددنا، لكنها على الرغم من أنها تمنحنا إحساساً بالاستقرار والتوجيه، قد تصبح أيضاً سجناً نحبس فيه أنفسنا.
على سبيل المثال، شخص قد يعتقد أنه غير قادر على النجاح في مهنة معينة بسبب تجربة سابقة فاشلة، هذه التجربة تصبح، في نظره، جزءاً من المسلمات الشخصية، وبالتالي، يصبح مستمراً في اعتبار نفسه غير مؤهل لتكرار المحاولة. وفي واقع الأمر، فإن هذه السردية الذاتية لا تعكس الواقع بقدر ما تعكس الخوف أو الشك الذي يمكن أن يؤثر في اتخاذ القرارات، تصبح تلك المسلمات وكأنها قصة يرويها لنفسه، والعائق الحقيقي أمام تحقيق النجاح.
هذه الحالة تؤثر كذلك في الطريقة التي نتفاعل بها مع الآخرين. إذا كان في ذهننا حدث ما أو قصة ما، تقول: إننا أشخاص غير محبوبين أو غير قادرين على إقامة علاقات صحية، فقد نتصرف بناءً على هذه الواقع الذي في ذهننا بشكل يجعلها تتحقق، وهذه هي التي تؤدي بنا إلى تصرفات قد تكون غير متوافقة مع رغباتنا الحقيقية، ما يجعلنا نعيد تكرار نفس المواقف السلبية لأنفسنا.
وللخروج من هذه الحالة، يجب أن نكون واعين للأثر السلبي للمسلمات والاعتقادات الخاطئة، وتكون لدينا عادة فحص مدى صحة كل ما يتسلل إلى الذهن ويصبح جزءاً من تفكيرنا، وقد يتطلب الأمر مراجعة بعض التجارب السابقة، واستخلاص العبر منها دون السماح لها بالتحكم في مصيرنا.
يمكننا أن نبدأ في إعادة التفكير بطريقة تعكس إمكاناتنا الحقيقية، وقدراتنا التي قد نكون قد تجاهلناها في السابق.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

أخبار ذات صلة

0 تعليق