كما هو معروف، أن الوقت لا يتوقف، لذا، يكون الانتظار من أصعب الأفعال التي يمكننا تحملها، وهي عديدة تلك اللحظات التي شعرنا فيها بالحيرة، بسبب لحظة انتظار، متسائلين: لماذا علينا أن ننتظر شيئاً قد لا يأتي؟ وكم مرة تمسكنا بأمل ضعيف في المستقبل، بينما يمر الحاضر بسرعة لا ندركها، لكن ما نجهله، في كثير من الأحيان، هو أن الانتظار الذي نراه عبئاً ثقيلاً، يمكن أن يكون أعظم فعل إيجابي نقوم به في حياتنا.
الانتظار ليس مجرد فترة فراغ، بل هو فرصة ذهبية نمنحها لأنفسنا، عندما ننتظر، نفتح لأنفسنا نافذة للتفكير والتأمل. لا يقتصر الانتظار على التوقف عن الحركة، بل هو بداية حركة أخرى، حركة داخلية، حيث نبحث عن إجابات لأسئلة حياتية قد تاهت وسط الزحام. في اللحظات التي نشعر فيها بأن الزمن يتوقف عن السريان، نجد أننا نملك فرصة لإعادة ترتيب أولوياتنا، ومراجعة مساراتنا، والتأكد مما إذا كنّا نسير في الاتجاه الصحيح.
إذا استطعنا أن نتعلم كيف نعيش تلك اللحظات من الانتظار بوعي، سندرك أنها ليست عبئاً، بل هي لحظات ذهبية، يمكن أن تقودنا إلى قرارات أكثر حكمة. الانتظار يعلمنا التريث، ويمنحنا الوقت الذي نحتاج إليه، لاختيار الطريق الذي سيجعلنا أكثر سعادة واستقراراً، عندما نتوقف لنتأمل في اختياراتنا، نمنح أنفسنا المساحة، لتقييم ما إذا كانت قراراتنا تأتي من مكان حقيقي من الداخل، أم أنها مجرد ردود أفعال للحظات انفعالية.
كما أن الانتظار يعطينا الفرصة للتعلم والصبر، وهما صفتان قد نحتاج إليهما أكثر من أي وقت مضى في حياتنا. نحن لا نعلم ما الذي يُخبئه لنا المستقبل، ولكننا نعلم أن التريث يمكن أن يعطينا الرؤية والقدرة على التصرف بحكمة.
إن الفعل الصبور الذي نمارسه أثناء الانتظار، يمنحنا القوة للقبول بأن الحياة لا تسير دائماً بالطريقة التي نريدها، وأننا قد نحتاج إلى بعض الوقت كي تكتمل الصورة.
عندما نتعلم كيف نستفيد من الانتظار، نجد أن الحياة ليست مجرد تسارع نحو نقطة النهاية، الحياة هي مجموعة من اللحظات التي تتشكل فيها الخيارات بعناية، تتخذ فيها القرارات بوعي، ويبنى فيها المستقبل على أساس من الصبر والانتظار الذي يعزز فهمنا لما هو مهم حقاً.
قد لا نعرف ماذا سيحدث بعد الانتظار، لكننا نعلم أن كل لحظة من التريث، تمنحنا القوة، لتكون قراراتنا أكثر صدقاً مع أنفسنا.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com