أثبتت الأيام الماضية أن الهدوء على الجبهة اللبنانية أو غزة، هشٌّ جداً، ولا يُستبعد أن تعود دائرة النار مجدداً، إذ إن المعطيات الميدانية لا تُبشر بخير، خصوصاً في لبنان مع انسحاب إسرائيلي منقوص، والإبقاء على خمس نقاط عسكرية على طول الحدود قيد الاحتلال، إلى جانب تنفيذ مداهمات وتفجيرات من قبل القوات الإسرائيلية، متجاوزة الاتفاق الذي طالبها بالانسحاب خلال 60 يوماً تبدأ منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، ثم مُدد بغطاء أمريكي إلى 18 فبراير(شباط) الحالي.
ما يحدث في الشمال خطر، ولا مبشرات بهدوء ينعم به اللبنانيون، الذين تستهدفهم إسرائيل لدى عودتهم إلى قراهم التي جعلتها أثراً بعد عين، مانحة نفسها الحق في مهاجمة لبنان متى شاءت وكيفما أرادت، وهو ما ظهر مع دخول الهدنة حيز التنفيذ، حيث لم تتوقف عملياتها لحظة واحدة، قصفاً وتدميراً وقتلاً، بل إنها وضعت شروطاً بهدف استمرارها بالتحكم في المشهد اللبناني، إذ قال وزير خارجيتها جدعون ساعر «عندما يفي لبنان بشكل كامل بالتزاماته بموجب الاتفاق، لن تبقى حاجة إلى الاحتفاظ بهذه النقاط»، متجاهلاً أن حكومته هي التي لم تفِ منذ اليوم الأول بالتزاماتها، فكيف تطالب الآخرين بالوفاء؟!، كما أن الجيش اللبناني الذي دعته إلى الانتشار على طول الحدود استهدفته أكثر من مرة، وبهذا تناقض إسرائيل نفسها، فهي تطالب الدولة اللبنانية القيام بواجباتها، ثم تستهدف عناصر الجيش اللبناني المنتشرين لحفظ الحدود.
الموقف الرسمي اللبناني كان صارماً، إذ أعلن الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، أن استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية هو احتلال، كما كان للأمم المتحدة كلمة بأن أي تأخير للانسحاب الإسرائيلي والاحتفاظ بالمناطق الخمس يُعدّ انتهاكاً للقرار 1701.
ما تفعله إسرائيل لن يجلب السلام لها، بل يوقد جذوة العداء ضدها والتي قد تكون أكبر من سابقتها، وهو ما يدركه مستوطنو الشمال، حيث أشار تقرير لصحيفة «إسرائيل هيوم»، أنهم يتخوفون من العودة في ظل الوضع الأمني المتهلل، إضافة إلى الدمار الهائل في المستوطنات هناك.
كما أن دائرة النبذ العالمية لإسرائيل تزداد لها، خصوصاً مع دمويتها في غزة، وتدميرها الضفة، وعدم التزامها بالقرارات الدولية في لبنان، وانتهاكاتها في سوريا، واستفزازها للدول العربية، وعلى الرغم من أن هذا يوسّع دائرة الكراهية لها، فإن عنجهية الثأر التي تسيطر على حكومتها المتطرفة تدفعها إلى صب الزيت على النار.
لا شيء يوقف يوقف إسرائيل إلا وقفة عربية صارمة ومن خلفها دول العالم الحر وشعوبه، لإلزامها الخضوع للقانون الدولي والإنساني، لأنه من دون ذلك فإن تل أبيب لن تتوقف عن اعتداءاتها وتهديد المنطقة برمتها بما لا يتمنى أحد الوصول إليه.
[email protected]
0 تعليق