هل على العالم العربي تحديث نظرته إلى الذكاء الاصطناعي، قبل فوات الأوان؟ يقيناً، على أنظمة التعليم أن تتدرب على مجاراة الآلة الذكية، قبل إعداد المناهج. غالباً ما يغيب عن الأذهان أن المجاراة مشتقّة من الثلاثي جرى جرياً. غير مُجدٍ أن تظل مواد الدراسة رهينة الزحف الحلزوني للكتب المدرسية. إلى أن تتمخّض جهود اللجان عن وضع المقرر وطباعته، يكون الذكاء الاصطناعي قد قطع ألف سنة في بضعة أشهر. بل أكثر من ألف عام.
تقول: كيف؟ يحتاج الآدمي إلى ثلاثين سنة ليكمل تعليمه ويكتسب بضع سنوات من الخبرة. الآلة الذكية جاوزت المستوى «الضعيف»، الذي يؤدّي عملاً واحداً، وهي تسير حثيثاً نحو الذكاء الاصطناعي العام، ثم «القوي». الأنواع المتقدمة اليوم تُغذّى بمليارات المواد. ما يعني انتفاء أيّ قدرة على لحاق الدماغ البشري، في سرعة إجراء العمليات، وفي سعة التخزين. تخيّل ذكاءً غير بيولوجي حوى في دماغه عشرين مليون كتاب، وفي وقت قياسي. حتى لو تحققت معجزة المحال، ومدّت العناية في عمر شخص، وظل كل يوم يقرأ كتاباً، لاحتاج إلى أربعة وخمسين ألف عام. على المناهج العربية أن تفكر بسرعة فائقة في هذا.
هنا منطلق الفرس، فهذا تمهيد من نافلة القول. ليس هزلاً قول الخبراء «إن الخيال العلمي فقد معناه». لكن القفزات العملاقة يجب أن تبعث الخوف الإيجابي في التنميات المتعثّرة. تحدث القلم مراراً عن أخطار الطبقية العلمية والتقانية، على الأمن القوي وسيادة الأوطان وكرامة الشعوب.
من الضروري استشراف الآتي بمنظار فكري، فالذكاء الاصطناعي قفزة تطوّريّة، لا مجرد تقدّم تكنولوجي. ثمّة شيء كبير مختلف يحدث. في العقد السابع من القرن الماضي، تألق العالم الفلكي الروسي بما يسمّى «مقياس كارداشيف»، الذي صنّف فيه ثلاثة أنواع من الحضارات. الأولى: قادرة على استغلال موارد طاقة كوكبها. الثانية: تستغل كل طاقة شمس منظومتها. والثالثة: تتحكم في مجموع الطاقة في مجرّتها. الرابعة مستحيلة، ففي المجرة أكثر من مئتي مليار شمس. لكن الفيزيائي، الأمريكي، الياباني الأصل، ميشيو كاكو، أصاب حين قال «إن المستقبل لاقتصاد المعرفة، لا لاقتصاد الطاقة». أليس على الدول العربية ومناهجها، أن تربط ذلك بمستقبل ذكاء الآلة. ماذا عندما تندمج حواسيب الكوانتوم في الذكاء الاصطناعي؟ إذا صارت الآلة الذكية تجري آلاف تريليونات العمليات في الثانية، هل سيظل دارس العربية مكبّلاً بإعراب أبيات الشعر؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستباقية: غداً، سيصير عام المتقدّمين قرناً لدى المتعثّرين.
[email protected]
المناهج ومستقبل الذكاء الاصطناعي - ستاد العرب

المناهج ومستقبل الذكاء الاصطناعي - ستاد العرب
0 تعليق