الخطوة التي أعلنها الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسليئيل سموتريتش بشأن الاستعداد لضمّ الضفة الغربية المحتلة، ليست مفاجئة بقدر ما تمثل تصعيداً متعمداً واستفزازاً للفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي، وتتناقض مع رغبات الجميع في وقف الحرب، وما أعلن عنه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن رغبته في إنهاء الحروب وإطفاء البؤر المشتعلة في العالم.
فقد سبق لسموتريتش الذي يعمل أيضاً وزيراً للاستيطان، بخلاف وزارة المالية، أن أعلن مراراً وتكراراً عن سعيه لضمّ الضفة الغربية، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، انطلاقاً من أيديولوجيته اليمينية المتطرفة القائمة على الضم والتهجير والاستيطان، بمعزل عن الشرعية الدولية والقانون الدولي. ومنذ انضمامه لحكومة نتنياهو انفرد سموتريتش وزميله الأكثر تطرفاً إيتمار بن غفير في العمل على زيادة وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وإطلاق يد المستوطنين المتطرفين في استباحة أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، والاعتداء على مقدساتهم الدينية بحماية الجيش الإسرائيلي؛ لخلق واقع جديد يُفضي إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة.
وبالتالي فإن الخطوة الجديدة التي أعلنها سموتريتش بالتحضير لإقامة البنية التحتية اللازمة لتنفيذ ضمّ الضفة الغربية، إنما تأتي في إطار التحرك العملي لتنفيذ هذه الخطة القديمة الجديدة، باستثمار الفرص التي تتيحها عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وهو يقول صراحة: «لقد كنا على مسافة خطوة من فرض السيادة على مستوطنات الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب الأولى، والآن حان وقت التنفيذ، وسيكون عام 2025 عام السيادة».
لكن سموتريتش نسي، على ما يبدو، أن هناك متغيرات كثيرة جرت بين ولاية ترامب الأولى والثانية، وأن خطوة من هذا النوع ستؤدي إلى انفجار شامل في المنطقة لا يرغب فيه ترامب نفسه، الذي وعد بإنهاء الحروب وليس إشعالها. ومع ذلك، يراهن دعاة التطرف في إسرائيل على أن ضمّ الضفة الغربية قد يكون ثمناً لإنهاء الحرب، وهو ما يتقاطع مع ما كشفته «هيئة البث الإسرائيلية» من أن نتنياهو سيطرح فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فور تسلم ترامب الرئاسة رسمياً.
وفي كل الأحوال، فإن هذه الخطوة، في حال تنفيذها، ناهيك عن عدم شرعيتها القانونية ومخالفتها للقرارات الدولية وشرعة الأمم، فإنها ستكون معاكسة لتوجهات المجتمع الدولي وتحدياً للإرادة الدولية، التي تجنح نحو التهدئة وحل الأزمات بالوسائل السلمية. وهي بهذا المعنى، ستمثل خطوة تصعيدية خطِرة للصراع قد تتجاوز حدود المنطقة، وتهدد الاستقرار والأمن الدوليين؛ إذ إن الفلسطينيين والعرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء خطوة كهذه من شأنها أن تغير الواقع الجيوسياسي والتاريخي للأراضي المحتلة، وما تحويه من مقدساتهم الدينية. كما أن المواقف الدولية الخجولة الرافضة لطروحات حكومة اليمين الإسرائيلي، والتي لا تزال تتمسك بـ«حل الدولتين» لم تعد كافية، بعد أن بات يجاهر برفضه قيام دولة فلسطينية، ما يعني أن على المجتمع الدولي اتخاذ مواقف أكثر جدية وحسماً قبل خروج الأوضاع عن السيطرة.
0 تعليق