الإرهاب مجدداً - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أن يطل الإرهاب مجدداً، ومن سوريا بالذات، بعد أن ساد الاعتقاد بأنه توارى أو فقد القدرة على استعادة قوته، فهذا معناه أن من استخدموه خلال مرحلة «الفوضى الخلاقة»، وفشل في تحقيق الأهداف التي من أجلها تم استخدامه، قد عادوا مجدداً إلى نفخ الروح في جسده.
بعد اتفاق سوتشي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في 2020، على مناطق خفض التصعيد في أرياف حلب وإدلب، وفتح الطريق التي تربط بين حلب ودمشق، وإبعاد المسلحين ستة كيلومترات عنها، ظل الوضع العسكري في حالة سلام بارد بين القوات السورية والجماعات المسلحة في المنطقة، على رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)، حليفة «داعش» الإرهابي.
فجأة، ومن دون مقدمات، ما إن تم إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الأسبوع الماضي، حتى شنت هذه المجموعات هجوماً واسعاً على مناطق خفض التصعيد وتمكنت من الاستيلاء على مناطق واسعة في محافظتي إدلب وحلب، ما وضع سوريا مجدداً أمام واقع عسكري وسياسي مستجد لم تكن مستعدة له.
اللافت أن الهجوم تزامن مع اهتمام إسرائيلي استثنائي؛ إذ عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سلسلة اجتماعات لبحث تداعيات الوضع، فيما أعلن الجيش حالة التأهب على الحدود مع سوريا، وأعلن نتنياهو أن «إسرائيل تراقب التطورات في سوريا من كثب وباستمرار، ونحن مصممون على الدفاع عن مصالح إسرائيل الحيوية».
إذاً، ما يجري في سوريا ليس مجرد عاصفة في فنجان، إنه جزء من محاولة جديدة لخلط الأوراق في المنطقة، وقد تزداد خطراً إذا ما اتسعت لتشمل جنوب سوريا المحاذي لفلسطين المحتلة.
هناك خطر فعلي ليس على سوريا فقط، بل على كل المنطقة العربية من عودة الإرهاب مجدداً، وهو ما لفت اليه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إذ كان أول من اتصل بالرئيس بشار الأسد وبحث معه تطورات الأوضاع في سوريا؛ حيث أكد سموّه: «تضامن دولة الإمارات مع سوريا ودعمها في محاربة الإرهاب والتطرف»، كما شدد على موقف الإمارات الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق للاستقرار والتنمية، ويضمن وحدة سوريا وسيادتها على كامل أراضيها.
كذلك، فإن العراق الذي عانى بدوره الإرهاب استشعر الخطر، وأعلن تضامن العراق مع سوريا، وتم نشر ثلاثة ألوية على الحدود لتأمينها من أي هجمات إرهابية محتملة، في حين أكد ملك الأردن عبدالله الثاني دعم بلاده لـ«استقرار سوريا ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها»، وأكد قادة دول مجلس التعاون في بيان صدر عن الدورة الـ45، «وحدة الأراضي السورية واحترام سيادتها على أراضيها».
وإذا كانت الولايات المتحدة حاولت النأي بنفسها عما يجري، وأنها «تراقب الوضع من كثب»، فإنها حمّلت دمشق مسؤولية رفض المشاركة في العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2245». فإن الموقف التركي ظل ملتبساً إزاء ما يجري في الشمال السوري؛ حيث توجد الفصائل المسلحة التابعة لها، أو الموجودة في مناطق سيطرة القوات التركية.
إنه خطر الإرهاب الذي يطل برأسه مجدداً، ولكن وفق أجندة جديدة تخدم مشاريع التقسيم ورسم خرائط جديدة تصب في مخطط «الشرق الأوسط الجديد» الذي كثر الحديث عنه مؤخراً.

أخبار ذات صلة

0 تعليق