د. ناجي صادق شرّاب
القيادة الأخلاقية منهاج وأسلوب حكم يركز على المبادئ والقيم الأخلاقية في إدارة الحكم واتخاذ القرارات وفي العلاقة بالمواطن. ولا يقتصر الأمر على هذا المستوى فهي منهاج تعامل مع كافة الدول والشعوب. وأهميتها كما في النموذج الإماراتى في القيادة والحكم أنها تعمق وترسخ مفهوم المواطنة الصالحة والإنسانية والخيرية كما تعمق مفهوم العدالة والمصداقية ، وهذا هو المبدأ الذي يميز رشد الحكم في دولة الإمارات منذ تأسيسها قبل 53 عاماً، والقائم على توسيع مفاهيم الشراكة والتمكين السياسي والمساواة والمساءلة وسيادة القانون وإرساء مفهوم المواطنة القائمة على المساواة في الحقوق.
منظومة القيم عناصرها المشاركة والتمكين السياسي وتبنّي مبادئ السلام والتعايش المشترك ونبذ العنف والكراهية والحروب، وتبنّي نموذج دولة الخير والإنسانية العابرة للحدود والتي تصل ألى كل المناطق والشعوب الفقيرة والمحتاجة.
بمناسبة عيد الاتحاد لا بد من التأكيد على النموذج الفريد الذي تقدمه دولة الإمارات، أي مفهوم الدولة التي تفكر في غيرها كما تفكر في نفسها. ونرى هذا في مسيرات وقوافل المساعدات المتواصلة إلى غزة ولبنان والسودان والعديد من الدول الأخرى.
والقيادة الأخلاقية كما وضع أسسها وبذورها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتسير على نهجها القيادة اليوم تجسد في الواقع القيم الأصيلة للدولة والقيم الإنسانية وتنعكس على دورها في كافة المؤسسات والمحافل الإقليمية والدولية وفي كل الشراكات الاستراتيجية مع الدول التي تحكمها هذه القيم.
وهذه القيادة الأخلاقية هي التي تقف اليوم وراء نجاح دولة الإمارات ومكانتها وهيبتها، فالدولة تحولت إلى أنموذج لكل الدول والشعوب، دولة تقدم نفسها من منظور القيم والأخلاق وليس من منظور القوة والسيطرة والهيمنة على الآخرين.
وهنا نحن أمام نموذج الدولة الخيرية التي تسهم في بناء السلام والاستقرار والرفاهية والتنمية والسعادة لكل الشعوب بمشاركتها في الأنشطة لمحاربة الفقر والمجاعات وكل القضايا التي تهم الكل مثل قضايا المناخ. وهذه القيم الأخلاقية هي التي تفسر لنا لماذا تحولت الإمارات مقراً ومركزاً للعديد من الأنشطة واللقاءات والمنتديات والمؤتمرات الدولية. نموذج يحتذى به بقرارته وأفعاله وبنزاهته وصدقه على دفع وتحفيز الآخرين.
فالقيادة في الإمارات ليست أشخاصاً بل هي نموذج أخلاقي شامل ومرجعية عليا في الحكم الرشيد، وكيفية التعامل مع كافة القضايا الحياتية. هي مدرسة في التعلم كيف تحكم ولمن وبأية وسيلة. وعناصر هذه القيادة تتمثل في القدوة الحسنة في تصرفاتها وأفعالها، وفي التواصل مع الكل، فأبوابها مفتوحة أمام كل مواطن. إنها قياده تصل إلى مواطنيها قبل أن يصل المواطن إليها. والعنصر الآخر أنها قياده قادرة على اتخاذ القرارات الرشيدة بمشاركة الآخرين والاستماع إليهم ، قيادة ترى نفسها في عيون الآخرين.
فالقائد المؤسس أرسى أحد أهم المبادئ التي نجدها اليوم، وهي أن كل مواطن يرى نفسه في الحاكم نفسه، لأن من عناصرها المشاركة الشاملة، وهذا ما نلمسه اليوم في درجة مشاركة المواطن وتقلده المناصب العليا، وفي الدور الذي تقوم به المرأة اليوم كرديف للرجل.
وتقف وراء هذه القيادة رؤية شاملة ممتدة أساسها بناء المواطن الصالح والقادر من خلال توفير كل المقومات له من تعليم وصحة وخدمات مجتمعية. فما كان لهذا النموذج الطموح أن يصل إلى الفضاء لولا هذه القيادة الأخلاقية الرشيدة المسلحة بالعالم والخبرة والانفتاح والإصرار على العمل والنجاح. قيادة جنّبت شعبها ودولتها الانجرار إلى المنازعات والخلافات والحروب، بتبنّيها مبدأ السلام والتنمية ومد اليد للآخرين.
إن هذه القيادة تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ويجسدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبقية حكام الإمارات. إنها قياده ترقى بسمو أخلاقها إلى العالمية. قيادة الإمارات تفسر لنا لماذا نجحت دولة الإمارات اليوم في احتضان أكثر من مئتى جنسية، الكل يتمتعون بالحقوق والمساواة والعدالة التي تشعرهم أنهم جزء من الدولة. قيادة نجحت في ترسيخ مفهوم وشعار كيف تحب الإمارات.
القيادة الأخلاقية في الإمارات مدرسة ومنهاج تعلم وتربية وتنشئة بدءاً من المؤسس الشيخ زايد والشيخ خليفة، واليوم فإن هذه المدرسة اتسعت أبوابها ومساحتها مع قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وإخوانه حكام الإمارات.
إن هذه القيادة الملهمة وصاحبة الرؤية الأخلاقية تقف وراء مسيرة 53 عاماً من الإنجاز المادي والأخلاقي ولتضع الإمارات في مقدمة الدول على خريطة العالم ، إذ رغم صغر الدولة مساحة وسكاناً لكنها تأتي في مقدمة الدول بمنظومتها الأخلاقية وسياستها الإنسانية وبناء السلام ومحاربة الفقر والأزمات والمجاعات التي تعانيها دول كثيرة.
لقد استحقت دولة الإمارات عن جدارة هذه الإنجازات. ويكفى للدلالة على هذه المكانة أن جواز سفر الدولة يسمح لحامله بدخول أكثر من 180 دولة من دون تأشيرة دخول. وبذلك تقدم دولة الإمارات إجابة لكل الدول، إن وراء النجاح ركيزتين: قيادة رشيدة ومواطن صالح.
0 تعليق