قبل فترة، كنت مع أحد الأصدقاء، ولاحظت أنه سارح بفكره، بعد أن أنهينا العمل، سألته: ما بك؟ فأجابني مبتسماً، لكن بجدية: «محمد، أنا أبحث عن زوجة»، فوجئت من كلامه، فهو متزوج ولديه أبناء كبار، وبعضهم متزوج، قلت له ممازحاً: «أكيد تبحث عن زوجة صغيرة في السن؟» فأجاب: «لا، أريد زوجة في الخمسين».
أدهشني جوابه، فهو رجل تجاوز منتصف الخمسين، وعادةً لا أتدخل في شؤون أحد، لكن بحكم علاقتنا الأخوية سألته: لماذا؟ فقال بكل وضوح: أحتاج إلى زوجة تكون صديقة وقريبة، أسمعها وتسمعني، فزوجتي مشغولة دائماً، هاتفها يقطع حديثنا، والأبناء وأهلها يأخذون وقتها كله، لم يبقَ لي مكان في حياتها، أقضي وقتي إما وحيداً وإما مع الأصدقاء.. أحتاج إلى زوجة تكون لي سنداً وصديقة، تعيد للحياة معناها.
ظل حديثه يدور في ذهني طويلاً، كم من الرجال يشعرون بهذا النوع من الإهمال العاطفي؟ وكم من العلاقات الزوجية تتحول بمرور الوقت إلى مجرد روتين بارد يخلو من الدفء والتواصل؟
تذكرت موقفاً آخر من أحد الأصدقاء قال لي يوماً: «علاقتي بزوجتي أصبحت بلا روح، وكأننا مجرد أشخاص نعيش تحت سقف واحد»، كلمات كهذه تعكس حالة صعبة يمر بها العديد من الأزواج، حيث تنشغل الزوجة بالأبناء أو العمل أو العائلة، بينما يشعر الزوج بالتجاهل أو التهميش.
الأمر الأكثر وضوحاً هو أن هذه المشاعر تزداد بين الرجال الذين يعتمدون بالكامل على وظائفهم كمصدر شغل وحيد في حياتهم، وبمجرد أن يتقاعدوا أو تقل مسؤولياتهم العملية، يجدوا أنفسهم غارقين في فراغ عاطفي وزمني كبير، بينما الزوجة تظل غارقة في مهامها اليومية، أما أولئك الذين لديهم أعمال خاصة أو مشاريع جانبية، فهم أقل عرضة لهذا الفراغ، لأن لديهم شيئاً يملأ وقتهم ويشعرهم بقيمتهم.
وهنا تأتي هذه النصيحة للجميع...
إلى كل زوجة، الرجل يحتاج إلى الرعاية والاهتمام، والشعور بأنه مهم في حياتك، لا تدعي الهاتف أو انشغالات الحياة تسرقك منه، كوني له الزوجة والصديقة والرفيقة.
أما أنت أيها الرجل، فلا تجعل وظيفتك كل شيء، فكر في بناء مشروع جانبي أو عمل يشغل وقتك بعد أن تترك وظيفتك، هذه المشاريع لن تملأ وقتك فحسب، بل ستعزز شعورك بالإنجاز وتجنبك الوقوع في دائرة الفراغ.
الحياة الزوجية ليست مجرد علاقة رسمية، بل هي شراكة تحتاج إلى اهتمام دائم من الطرفين إذا غاب الاهتمام، ماتت العلاقة، وإن بقي، أزهرت بالحب والوفاء مدى الحياة.
0 تعليق