ما الذي يفعله الذكاء الاصطناعي بالإعلام؟ قد يلوح لك السؤال ساذجاً. أدنى العقل القول: ما الذي يُكسب تردّي القيم الفكرية والأخلاقية، جاذبيةً فائقةً، فتتهافت عليه فئات في كل القارّات؟ ظاهر الأمر أن الكثيرين يأخذون المسائل على أنها ألعاب مسلّية، يُظهرون فيها مهاراتهم، فهي عندهم من قبيل الابتكار والإبداع، فيصقلون بها الموهبة، وينمّون بها البراعة.
صار رائجاً في الأحداث التي تحتّل الواجهات الخبريّة، أن تتميز وسائط التواصل الاجتماعي، من خلال الصور والفيديو، عن الفضائيات الرسمية، وتلك التي تلتزم حدّاً معقولاً من الجدّيّة الإعلامية، المهنيّة الاحترافية، فوسائل التواصل تتمتع بقدر من «حرية الانفلات»، فلا تجد داعياً إلى التقيّد بشيء، كأن تبحث عن أغنية مناسبة لحدث سياسي، وتسخّر الذكاء الاصطناعي فيؤدي رئيس دولة كبرى الأغنية راقصاً إذا اقتضى الأمر، أو في«دويتو». إمكانات الذكاء الاصطناعي لم تعد تحدّها حدود، فرؤساء من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والشرقية، أظهروهم وهم يؤدّون أغنيات عربية، أحياناً بأصواتهم وأخرى بحناجر المطربين الأصليين.
لكن هذه الفنون، التي يتقدم ذكاء الآلة في إنتاجها بأشواط عملاقة، تخرج عن إبداع الفنون الكوميدية جملةً وتفصيلاً، عندما تلعب دور طابور خامس أو حصان طروادة، كالسعي إلى إغراق بلد في الفوضى بإشعال الفتن، وبث الأخبار الكاذبة، أو تقويل شخصيات رسميّة ما لم تقله، ولكن بدقة تقانية فائقة في تطابق الصوت من حيث مخارج الأصوات ومستويات النبرات.
هذه الأساليب، التي لا حصر لها في ممارسات الحرب النفسية، تندرج كلها ضمن العبارة الشهيرة: «الحرب خدعة»، وهي أشكال وألوان في كل الحروب والمعارك التي سجّلها التاريخ. بقي أن عصر المعلوماتية والشبكة والرقميّ والذكاء الاصطناعي، تجاوز كل الحدود والممكنات التي عرفها الإنسان من قبل. لقد غدت في عِداد الأسلحة الفتّاكة. وما العجب، والذكاء الاصطناعي له جيوش جرّارة من الجنود الآليين، والطائرات المسيّرة التي تلعب أدواراً حربيةً شتّى. في هذه الجحافل والترسانات تضطلع الآلة الذكية بمسؤولية محورية: الحرب النفسيّة. هنا، يبرز السؤال: ما الذي يمكن أن تفعله التوعية العمومية في التصدّي للتحديات التي تستهدف الأمن والاستقرار واختراق الشعوب للنيل من سلامة الأوطان؟ أمَا آن الآوان للخوف من تحوّل الذكاء البشري إلى لعبة في يد الذكاء الاصطناعي؟
لزوم ما يلزم: النتيجة المنهجية: يوماً فيوماً تزداد الحاجة إلى إدراك أن الرياضيات والفيزياء، ركنان أساسيان في بناء مناعة الأمن القومي.
0 تعليق