مع قرب تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب منصبه رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وتولي بولندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، نشطت الاتصالات الأوروبية لتحديد مسار الحرب الأوكرانية، بعدما بات واضحاً أن الرئيس ترامب عازم على تنفيذ وعده بإنهاء هذه الحرب.
كان ترامب اجتمع في باريس نهاية الأسبوع الماضي مع الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش الاحتفال بإعادة افتتاح كنيسة نوتردام بعد ترميمها إثر الحريق الذي التهمها عام 2019، وكانت الحرب الأوكرانية تصدرت المحادثات الثلاثية، حيث قال ترامب: «إن العالم ينقاد إلى شيء من الجنون»، فيما قال ماكرون: «الولايات المتحدة وأوكرانيا وفرنسا معاً في هذا اليوم التاريخي.. نجتمع من أجل نوتردام.. أمامنا تحديات كثيرة نخوضها معاً»، في إشارة إلى الحرب الأوكرانية وكيفية مواجهة تداعياتها واحتمالات التوصل إلى صيغة لبدء المفاوضات بشأنها، فيما قال زيلينسكي: «عقدت لقاء ثلاثياً جيداً ومثمراً مع الرئيسين دونالد ترامب والرئيس إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه»، مضيفاً: «نريد جميعاً أن تنتهي هذه الحرب في أقرب وقت وبطريقة عادلة».
هذا يدل على أن هناك قناعة بضرورة وضع حد للحرب، وأن على أوروبا البدء بمراجعة حساباتها ومواقفها، لأن الإدارة الأمريكية الجديدة اتخذت قرارها بالتخلي عن دعم أوكرانيا من أجل حل وسط يجمع الطرفين الروسي والأوكراني على طاولة المفاوضات.
الرئيس الفرنسي ماكرون، زار أمس بولندا، حيث أطلع رئيس الوزراء دونالد توسك على تفاصيل محادثات القمة الثلاثية في باريس، باعتبار أن بولندا تمثل طرفاً أوروبياً مهماً في دعم أوكرانيا، ولابد من وضعها في نتائج ما تم بحثه كي تتخذ الموقف الذي يُمكّنها من تحديد خطواتها وهي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر المقبل.
ويبدو أن بولندا باتت هي الأخرى تُعِد العدة لأجندة القضايا التي ستتولى القيام بها في مهمتها الأوروبية، وعلى رأسها الحرب الأوكرانية لمواكبة الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث أعلن رئيس الوزراء البولندي، أن «المفاوضات بشأن الحرب الأوكرانية قد تبدأ في الشتاء»، وقال إنه «يأمل في أن تكون النتيجة النهائية لجهود بولندا والاتحاد الأوروبي هي السلام في أوكرانيا».
وكان فريدريش ميرتس زعيم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي» الألماني، المرشح لمنافسة المستشار أولاف شولتس، زار كييف الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس الأوكراني الذي أكد أهمية المحادثات الأمنية الأوروبية، وأن بلاده «تحتاج إلى ضمانات أمنية ليس فقط من حلف شمال الأطلسي فحسب، بل من الدول الأوروبية أيضاً»، ثم قام ميرتس بعدها بزيارة بولندا، حيث التقى رئيس الوزراء توسك، وأطلعه على نتائج محادثاته في كييف.
ترامب متفائل بإنجاز التسوية، حيث قال إن زيلينسكي «يرغب في وقف إطلاق النار.. إنه يريد تحقيق السلام»، وأضاف: «لم نتحدث في التفاصيل.. أنا اليوم أقوم بصياغة تصوّر لإنهاء هذه الحرب السخيفة».
هل دخلت الحرب الأوكرانية مرحلة الإعداد للتسوية؟ هل يمكن أن تبدأ خلال الشتاء؟ وهل تقنع الضمانات التي تطالب بها أوكرانيا الجانب الروسي الذي يصّر على حيادها؟ وإلى أي مدى تبدي موسكو استعدادها لحلول وسط بشأن المناطق التي تحتلها؟
هذه كلها أسئلة تنتظر الإجابة في «مفاوضات الشتاء» إذا تمت.
0 تعليق