هل في العالم العربي بحوث ودراسات موضوعيّة علميّة موثوقة، في شأن وسائط التواصل الاجتماعي؟ قبل كل شيء: هل هي جسور تواصل حقّاً؟ لا حاجة إلى مراكز بحث متخصصة، عميقة التحليل دقيقة التعليل. يستطيع أيّ إنسان أن يؤدّي المهمّة. تصفّحِ المواضيعَ المعروضة في مواقع الوسائل، ثم انظر في قيمة المنشور والمبثوث. ما هي الخدمات الاجتماعية الجليلة، التي تسديها أغلبيّة التغريدات إلى المجتمعات والشعوب؟
اللعبة لا تخلو من التسلية، لكن في إمكانك إحصاء الغثّ والرثّ، والخَبَث والعبث. أمّا مثيرات الكمد والنكد، فيعييك العدد، فوراء أكمات الكلمات لكمات، تجهيل وتضليل، وتثبيط وتحبيط، وابتداع وخداع، وحروب نفسية، بإثارة فتن منسية. هذا لا يعني أن حسابات أهل الشرق والغرب كلها قيم عليا ومثل سامية، فالغرب يجتاح العالم بالشرور، لا يفرح القلب، وفي مواقع الشرق الأقصى سيول من سقط المتاع، إلا أن ما يحز في النفس، هو أن الكثير من بلدان الشرق والغرب، لها ريادات في التنمية والعلوم والتقانة وإنتاج العلوم، بفضل مراكز البحث العلمي وانعكاس إنجازاتها على سائر ميادين الحياة العامّة. بذلك ضمنت الاستقرار، والقدرة على الاستمرار، فلا خوف عليها إذا غوت فئات من شبيبتها وهوت إلى الاستهتار.
غثاء السيل في وسائط التواصل العربية، ناجم عن «اللي ما يعرف الصقر يشويه»، ولا علاقة للظاهرة بالمثل: «والعود في أرضه نوع من الحطبِ»، بالرغم من الشك في أن كمبوديا، إندونيسيا، فيتنام ولاوس، كانت تطبخ الحساء على جمر العود. الإعلام العربي لا ينشر الوعي بأن تريليونات الرسائل الإلكترونية، نصوصاً وأصواتاً وصوراً وفيديوهات، تشكل تلوثاً معلوماتياً رقميّاً، لأنها في النهاية نفايات.
بصرف النظر عن تلويث أدمغة المتصفحين بالكلام الفارغ. حين يرسل الشخص رسالة إلى صديقه، وهو إلى جواره، فإن المسافة التي تقطعها ليست شبراً أو متراً، فهي تنطلق من مكان الجوّال إلى السويد والولايات المتحدة والصين، حيث الخوادم العملاقة، ثم إلى جوّال المرسل إليه. ثمة تلويث أنكى، هو سمعة الأمّة العربية، فجبال المهاترات، تستغلها جهات كثيرة لوضع الوعي العربي العام في الميزان. هكذا تعلم المراكز المعنيّة بالسرائر وتطّلع على الأفئدة.
حاول، عبثاً، العثور على مواقع تتحاور فيها الشبيبة العربية عن حلول لمشكلات العرب، آفاقٍ جديدة لمستقبل العرب، عملٍ جماعي خلّاق، لكون المنظمات نضبت مياه ابتكاراتها، أيِّ شيء يبشّر بأن الليل سينجلي وأن القيد سينكسر. العمى، هرمنا.
لزوم ما يلزم: النتيجة الأسفيّة: لم يعرف الكثيرون أن الشبكة ووسائطها سكّين وبرتقال من دون ما يثير الفتنة.
0 تعليق