عقدت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء 7 يناير 2025، اجتماعا مهما حضره وزير الشباب والثقافة والتواصل، لتدارس عدد من المواضيع البارزة التي تخص قطاع الصحافة والإعلام.
وضمن المواضيع المهمة التي تناولها الاجتماع، موضوع الدعم المالي المقدم للصحافة المغربية وكذا المعايير والأهداف المعتمدة في تخصيص هذا الدعم، وهو موضوع أثار اهتمام عدد من الفرق البرلمانية، ومنها الفريق الاشتراكي والفريق الحركي.
كما تناول الإجتماع، حصيلة الدعم العمومي المقدم في شكل إعانات مالية لقطاعات الصحافة والإعلام والطباعة والنشر، وفقًا لما طلبته المجموعة النيابية للعدالة والتنمية.
وبالإضافة إلى ذلك، تمت مناقشة تقرير الوكالة الوطنية لتقنين السمعي البصري، المتعلق بالإنتاجات الخارجية والمستقلة للبرامج والأفلام الوثائقية الإذاعية والتلفزية، ومدى احترام القانون 77.03 اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل اﻟﺴﻤﻌﻲ اﻟﺒﺼﺮي ودفاتر التحملات.
وفي إطار المبدأ الدستوري الذي يقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، تمت مساءلة الوزير بنسعيد حول الأهداف من وراء الدعم العمومي للصحافة، والتي تتجلى حسب إحدى النائبات، في تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم مواردها البشرية، لكن تضيف السيدة النائبة، “تم مسح هذه الأهداف بأهداف مادية وتجارية محضة تقوم على منطق حجم رقم المعاملات”.
وساءلت النائبة البرلمانية الوزير بضرورة “مراعاة الوضعية المادية والمهنية لآلاف العاملين في هذا المجال، والتي ستكون مهددة بفقدان مناصب شغلها إذا ما تم اعتماد توزيع الدعم العمومي بمعايير حجم المعاملات وهو ما يعني إغلاق مؤسسات صحفية صغيرة ومتوسطة وجهوية أبوابها وتسريح العاملين بها.”
وأشارت نائبة برلمانية أخرى في تدخلها إلى أن “هذا القرار حُرر ودُبج لغايات تحكمها سوء النية”، وتساءلت النائبة موجهة كلامها للسيد الوزير، حول ما إذا لم تكن هذه الشروط “تروم عمليا استحواذ مؤسسات إعلامية كبرى معينة على الدعم العمومي”، وتساءلت حول ما إذا كان الأمر “يتعلق بتكميم للأفواه الحرة.. وإقصاء للمقاولات المتوسطة والصغيرة والجهوية.”
وتتقاطع هذه الأسئلة مع مطالب المهنيين في قطاع الصحافة والإعلام، وهو ما اتضح من خلال بلاغات وبيانات ومطالب اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى الذي حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن المقاولات الصغرى أمام تغول المؤسسات الكبرى وتواطؤ الحكومة معها في إطار إغناء الغني وإفقار الفقير، وهو ما يتضح من خلال القرار المشترك الذي ترافع ضده الاتحاد والذي وصل حد توجيه رسالة تظلم إلى وسيط المملكة حول هذه القضية، وهي المراسلة التي راسل بشأنها هذا الأخير محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، والذي لم يقم بالرد عليها إلى غاية اليوم.
الوزير بنسعيد، وفي معرض رده على أسئلة البرلمانيين، كشف عن حصيلة الدعم الحكومي الموجه لقطاع الصحافة والنشر خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرًا إلى موعد انتهاء العمل بالدعم الاستثنائي في مارس 2025، والانتقال إلى العمل بالمرسوم الجديد الذي يهدف إلى خلق قطاع صحافي قوي ومواكب للتطورات.
وأوضح بنسعيد، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال، أن الدعم الاستثنائي للصحافة بدأ في عام 2020 لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19. وفي هذا السياق، صُرف 164 مليون درهم في عام 2020 لتحمل الأجور والتصريحات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والضريبة على الدخل.
وفي الأعوام التالية، بلغ الدعم الحكومي الموجَّه للمقاولات الصحفية الملتزمة بالقوانين والتصريحات الاجتماعية، 161 مليون درهم في 2021، و167 مليون درهم في 2022، ليرتفع إلى 314 مليون درهم في 2023.
وأكد الوزير أن الحكومة الحالية منحت المقاولات الإعلامية سنتين إضافيتين من الدعم بعد الجائحة لدعم استمراريتها، على أن يتم العودة إلى النظام العادي للدعم بموجب مرسوم ابتداءً من 2025.
وفي ما يخص الدعم الجزافي لقطاع الصحافة والنشر، استفادت 142 مقاولة من 5 ملايين درهم في 2020، و4.5 ملايين درهم في 2021، و11 مليون درهم في 2022، و28 مليون درهم في 2023، وصولًا إلى 35 مليون درهم في 2024. كما تم تخصيص مليون و400 ألف درهم للصحف التابعة للأحزاب السياسية.
أما في قطاع الطباعة والتوزيع، فقد بلغ الدعم 15 مليون درهم للطبع و25 مليون درهم للتوزيع في 2020 و2021. وفي 2022، ارتفع الدعم للتوزيع إلى 30 مليون درهم، بينما خصص 9 ملايين درهم للطباعة في 2023 و2024. وأشار بنسعيد إلى أن دعم التوزيع في 2024 لم يُصرف بعد، حيث يُناقش نموذج اقتصادي مستدام لهذه الشركات.
وبخصوص معايير الدعم، أكد الوزير أن انتهاء الدعم الاستثنائي في مارس 2025 سيواكبه تفعيل المرسوم الجديد الذي يهدف إلى دعم مقاولات صحفية قوية قادرة على الاستثمار على المستويين الوطني والدولي. كما أشار إلى ضرورة احترام المقاولات المستفيدة للاتفاق الاجتماعي الموقع بين النقابة الوطنية للصحافة وجمعية الناشرين، بما في ذلك احترام الحد الأدنى للأجور المحدد بـ5800 درهم.
وعلى صعيد التكوين، أوضح الوزير وجود اتفاقيات تهدف إلى مواكبة الصحافيين والمقاولات الصحفية، مع إشارة خاصة إلى التكوين في مجال الصحافة الرياضية استعدادًا للمنافسات الدولية القادمة.
واختتم بنسعيد حديثه بالتأكيد على أن الدعم الحكومي للصحافة هو ممارسة شائعة في مختلف البلدان ولا يؤثر على دور وسائل الإعلام في انتقاد الحكومات، مشددًا على أهمية تعزيز القطاع ليواكب تحديات العصر ويضمن استدامته.
0 تعليق