يشكل ملف التقاعد في المغرب موضوعًا ذا أهمية متزايدة، لا سيما في ظل التفاوتات الواضحة بين الفئات المشمولة بالتغطية التقاعدية وتلك التي تفتقر إليها. دراسة حديثة صادرة عن مجموعة “سونيرجيا” سلطت الضوء على واقع هذا النظام، مقدمة أرقامًا مثيرة تظهر مدى تعقيد الوضعية.

وتشير الدراسة إلى أن 36% من المغاربة لا يستفيدون من أي نظام تقاعدي، ما يعني أن أكثر من ثلث السكان النشيطين مهددون بعدم التوفر على أي دخل منتظم خلال سنوات شيخوختهم.

وفي المقابل، أكدت الدراسة أن 64% من المغاربة يتمتعون بنوع من التغطية التقاعدية، إلا أن هذا الرقم يخفي تفاوتات عميقة حيث أن 59% من المستفيدين مشمولون عبر أنظمة تقاعد رئيسية تقدمها شركاتهم المشغلة، فيما نسبة 5%  فقط هم من يساهمون في أنظمة التقاعد بشكل فردي.

وتزداد حدة الأزمة عندما يتعلق الأمر بالعاملين في القطاع غير المهيكل، الذين يشكلون نسبة كبيرة من القوة العاملة بالمغرب. ووفقًا للبيانات، فإن  86%  من العاملين في هذا القطاع غير مشمولين بأي نظام تقاعد، فيما 10% فقط يساهمون بشكل فردي في أنظمة تقاعد، وهي نسبة ضئيلة تعكس هشاشة هذه الفئة.

إلى جانب محدودية التغطية، أظهرت الدراسة غيابًا شبه كامل لثقافة الادخار التقاعدي التكميلي بين المغاربة. 85% من المستطلعين لا يدخرون للتقاعد التكميلي، مما يزيد من مخاطر عدم كفاية الدخل عند التقاعد. أما النسبة المتبقية (15%) فتتوزع على النحو التالي:

-10% يحصلون على تقاعد تكميلي بمساهمة من شركاتهم.

-4% يدخرون بشكل فردي.

-1% فقط يعتمدون على حسابات بنكية ادخارية مخصصة لهذا الغرض.

وتشير الأرقام إلى أن غياب التغطية التقاعدية يعكس جملة من التحديات، أبرزها هيمن، وصعوبة تنظيم القطاع غير المهيكل وإدماجه في منظومة الحماية الاجتماعية، وضعف ثقافة الادخار حيث يفتقر العديد من المغاربة إلى الوعي بأهمية الادخار للتقاعد، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية اليومية، بالإضافة إلى التقلبات الاقتصادية التي تزيد من هشاشة الفئات ذات الدخل المحدود، ما يجعل الادخار للتقاعد رفاهية غير متاحة للكثيرين.

ويبرز ملف التقاعد كواحد من التحديات الكبرى التي تواجه السياسات الاجتماعية في المغرب. ويتطلب تجاوز هذا الوضع إجراء إصلاحات عميقة تشمل توسيع التغطية التقاعدية لتشمل الفئات العاملة في القطاع غير المهيكل ، وتعزيز دور الشركات في تقديم خطط تقاعد تكميلي للعاملين ونشر ثقافة الادخار عبر حملات توعية وبرامج تحفيزية.