القرقاوي: العالم يمر بمرحلة مفصلية.. ومن لا يتعلّم من التاريخ سيكرر أخطاءه - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

المستقبل هو نتيجة قرارات تُصنع اليوم برؤية تستلهم الماضي وتستعد للآتي. القرار بأيدينا..
يطرح تساؤلات كبرى حول 4 مشاهد شكلت ربع القرن الماضي:
أولاً: ماذا لو لم تكن الحروب والنزاعات خيار البشرية في الـ25 عاماً الماضية؟
ثانياً: ماذا لو لم يكن الاقتصاد هو المعيار الأساسي لرفاه الشعوب.. ولو ركزت الحكومات على «جودة النمو» كما تركز على «كمية النمو»؟
ثالثاً: ماذا لو كان بناء «الثقة» أولوية الحكومات خلال الـ25 عاماً الماضية؟
رابعاً: ماذا لو قادت الدوافع الإنسانية الأجندة العالمية على مدى الـ 25 عاماً الماضية؟
دبي: «الخليج»
أكد محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن البشرية تمر اليوم بمرحلة مفصلية، بعد أن أكملنا 25 عاماً من الألفية التي شهدت تحولات كبرى تقنية واقتصادية واجتماعية، وقال: إن الـ 25 عاماً الماضية كانت عاصفة بأحداثها، ولكنها كانت أيضاً مدهشة بتغيراتها وتحولاتها، مجدداً التأكيد أيضاً على أن ما تحمله الـ 25 عاماً المقبلة من تطور وتقدّم، سيفوق كل ما شهدته البشرية في تاريخ حضارتها، وأن مستقبلنا ستحدده قراراتنا اليوم، فالمستقبل هو نتيجة قرارات تصنع اليوم برؤية تستلهم الماضي وتستعد للآتي».
جاء ذلك في كلمة محمد القرقاوي الرئيسية خلال افتتاح أعمال القمة العالمية للحكومات 2025، اليوم في دبي، والتي تستمر لغاية 13 فبراير الجاري.
رسائل سامية
ورحب القرقاوي في مستهل كلمته بالمشاركين في القمة التي تنطلق مستلهمة الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبرعاية ومتابعة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتقدم رسالة سامية هدفها المساهمة في صنع واقع أفضل للبشرية خلال الـ 25 عاماً المقبلة، ولتطرح الأسئلة الكبرى التي ستحدد مستقبل البشرية.
وقال القرقاوي: «أهم درس يعلمنا إياه التاريخ أن القادم مختلف تماماً عن السابق، والمتغيرات الاقتصادية والتقنية ستكون مختلفة بشكل كامل، ودور الحكومات أن تستعد لذلك، لأن ما سيأتي تاريخ جديد، سيُكتب بقواعد جديدة».
الحكومات التي تقرأ الماضي قادرة على تصميم المستقبل
وأضاف القرقاوي: «التغيرات المتسارعة التي شهدها العالم لم تكن مجرد أحداث عابرة، بل دروسٌ متراكمة.. الحكومات التي تقرأ الماضي بعمق هي القادرة على تصميم المستقبل»، وشدد القرقاوي بالقول: «من لا يتعلّم من التاريخ.. سيكرر أخطاءه».
وأضاف أن الـ 25 عاماً الماضية برغم أنها كانت عاصفة بأحداثها، فإنها كانت أيضاً مدهشة بتغيراتها وتحولاتها، حيث زاد سكان العالم إلى 8.2 مليار نسمة اليوم، وتضاعف حجم الاقتصاد من 34 تريليون دولار إلى 115 تريليون دولار عام 2024، ونمت التجارة الدولية 7 تريليونات إلى 33 تريليون دولار عام 2024، وانتقل العالم من هيمنة الشركات الصناعية والتقليدية مثل النفط والصناعات الثقيلة والخدمات المالية إلى صدارة الشركات التكنولوجية والمنصات الرقمية، وشهد العالم تحوّلات عميقة في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث صعدت كل من الصين والهند مقابل تراجع بعض الدول الصناعية المتقدمة، وفي عام 2000 كان العالم متفائلاً بالعولمة، إلا أن العالم شهد مع صعود الشعبوية سياسات الانكفاء الداخلي والتجزئة.
وقال القرقاوي: «كان عدد مستخدمي الإنترنت في عام 2000 أقل من 7% من إجمالي سكان العالم، مقارنة بأكثر من 60% اليوم، وكانت قيمة العملات الرقمية في العام 2000 تساوي صفراً، أما اليوم فتقدر قيمتها بـ 3 تريليونات دولار، وفي عام 2000 كانت الحروب التكنولوجية والروبوتات العسكرية في أفلام الخيال العلمي فقط، واليوم نشهد الحروب بالدرونز والروبوتات والذكاء الاصطناعي، وكان العالم يخاف من الحروب النووية فقط، واليوم العالم يخاف من الحروب النووية والسيبرانية والبيولوجية».
تحولات كبرى
وبعد استعراض هذه التحولات الكبرى خلال ربع القرن الماضي، طرح محمد القرقاوي سؤالاً مفصلياً أمام حضور القمة العالمية للحكومات قائلاً: «ماذا لو كانت قراراتنا كبشرية وحكومات ومجتمعات مختلفة في الـ 25 عاماً الماضية؟».
وقدم القرقاوي 4 مشاهد تشكّلت نتيجة قراراتنا في ربع القرن الماضي، وفي المشهد الأول أشار إلى أن العالم فقد أكثر من مليوني شخص نتيجة الحروب والنزاعات، وتشرّد نحو 120 مليون لاجئ نتيجة هذه الصراعات، في حين أن 4% فقط من كافة الصراعات انتهت باتفاقية سلام، متسائلاً: ماذا لو اخترنا السلام بدلاً من العنف؟ والحلول الدبلوماسية بدلاً من العسكرية؟، وقال: «نحن لا نفترض عالماً أفلاطونياً، ولكننا حتماً كبشر يمكننا أن نتخذ قرارات أكثر حكمة».
جودة النمو
وفي المشهد الثاني، ذكر القرقاوي أن الدراسات تشير إلى أن الشعوب في أكبر الاقتصادات في العالم، ليست هي الأسعد، وليست الأكثر استقراراً ورفاهاً في دلالة على أن النمو الاقتصادي وحده لا يعكس رفاه المجتمعات، وفي عالم يتجه نحو الفردانية والبعد عن القيم المجتمعية والروابط الأسرية، هناك 280 مليون شخص يعانون الاكتئاب حول العالم، الاقتصاد العالمي يتكبد تريليون دولار سنوياً نتيجة الأمراض النفسية، متسائلاً: ماذا لو ركزت الحكومات في سياساتها على «جودة النمو» كما تركز على «كمية النمو»؟.
الثقة أساس العلاقات
أما في المشهد الثالث، فأكد القرقاوي أن الثقة بالحكومات شهدت بين عامي 2000 و2025، تراجعاً في كثير من دول العالم. وأكبر دليل على ذلك، تصاعد موجات الاحتجاج والحركات الشعبوية، كما أظهر التقرير الأخير «لمؤشر الثقة»، أن الثقة بالحكومات لا تتعدى 52%، وتساءل: «ماذا لو كان بناء «الثقة» أولوية الحكومات خلال الـ25 عاماً الماضية؟»، مشدداً على أن الثقة هي أساس العلاقات، وأساس التعاملات، وأساس الحكومات.
المستقبل يتطلب التزام بالقيم الإنسانية
وفي المشهد الرابع، قال القرقاوي: «في عالم اليوم، تنعم الدول بمستويات رفاه وتعليم وصحة غير مسبوقة، ورغم أننا حققنا إنجازات كبيرة في انتشال البشرية من الفقر والجهل والمرض، فإنه لا يزال يعيش نحو630 مليون شخص، تحت خط الفقر، وحسب الدراسات سنحتاج إلى نحو 800 مليار دولار سنوياً للقضاء على الجوع، وتعليم كافة الأطفال، وتطوير الأنظمة الصحية حول العالم»، متسائلاً: «ماذا لو قادت الدوافع الإنسانية الأجندة العالمية على مدى الـ 25 عاماً الماضية؟»، مؤكداً بالقول: «نحن في الإمارات نخصص سنوياً 1.5% من ناتجنا المحلي للإغاثة والدعم التنموي..القرار بأيدينا.. مستقبلنا لا يتطلب معجزات، بل التزاماً بقيمنا الإنسانية».
وشارك محمد القرقاوي حضور القمة بأهم التوقعات والتصورات للـ 25 عاماً المقبلة، مشيراً إلى أن عدد سكان العالم سيصل إلى 10 مليارات نسمة، وسيكون أغلب النمو من قارتي إفريقيا وآسيا، وسيكون أكثر من 20% من سكان العالم فوق سن الـ 60، في عام 2050، ما سيحتاج إلى أنظمة صحية واجتماعية عالية الجاهزية، وفي ذلك العام أيضاً، سيخدم البشر أكثر من 20 مليار روبوت، ما يطرح تساؤلات كبرى حول تأثير هذا في نمط حياتنا اجتماعياً ونفسياً، وفي سوق عملنا ومستقبل مهاراتنا، وسيكون الفضاء جزءاً رئيسياً من حياتنا وسياحتنا، واستثماراتنا ومواردنا، حيث يتوقع أن يصل اقتصاد الفضاء إلى 4 تريليونات دولار.
تغيرات في شكل التعليم
وأضاف القرقاوي أن عام 2050، سيشهد أيضاً تغيرات كبرى في شكل التعليم، وبفضل تقنيات تعزيز القدرات، ستتغير إمكانات البشر عقلياً وجسدياً، وسيعيش الإنسان لمدة أطول وستتضاعف إنتاجيته بمعدلات غير مسبوقة، وسيتمكن الإنسان من حل مشكلات شبه مستحيلة اليوم في البيئة والطب والفضاء، وستتمكن البشرية من التنقل بسرعة قياسية، وسنكتشف عوالم جديدة لم نتخيلها على كوكبنا وخارجه، وستصل البشرية في الذكاء والكفاءة والإنتاجية إلى مستويات قد نظنها خيالية، وأرجو أن ينعكس ذلك على الحكمة.
وقال القرقاوي: «نحن ننتقل من مرحلة إلى أخرى مختلفة تماماً في تاريخ الحضارة البشرية. فما زال الذكاء الاصطناعي لم يولد بعد، كجنين في طور التشكل.. طوال 30 ألف سنة، كان الإنسان هو الذي يستطيع التفكير والتحليل والإبداع وإعطاء الأوامر، واليوم، لأول مرة في التاريخ، هناك شيء آخر ينافس الإنسان في قدراته العقلية والإبداعية. وقد يتفوّق عليه وبصورة كبيرة.. نحن ندخل في مرحلة جديدة من تاريخ البشرية، تحتاج أدوات جديدة، ومنهجية جديدة، ورؤية جديدة».
واختتم القرقاوي كلمته بالتأكيد على أن ما تحمله الـ25 عاماً المقبلة من تطور وتقدّم، ستفوق كل ما شهدته البشرية في تاريخ حضارتها، مشدداً بالقول: «مستقبلنا ستحدده قراراتنا اليوم، فما مستقبل البشرية إلا مجموعة قرارات للحكومات والمنظمات والشركات والأفراد».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق