التمييز بين الأبناء .. سلاح ذو حدين يهدد العلاقات الأسرية والدراسية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

- بتول العجمية: تؤدي إلى تدهور الثقة وتولد مشاعر الكره والحقد

- عبد الرحمن الصوطي: تشكل انسحاب اجتماعي أو سلوكيات تحد غير مباشرة

- سهيرالعامرية: تشجع على التعلم من تجارب الآخرين إذا تمت بشكل إيجابي

- سالم اليحمدي: أهمية التوازن في التعامل مع الأبناء لتفادي التنافس السلبي

- حسام الحسيني: التركيز على تعزيز التقدم الذاتي بدلًا من التفوق على الآخرين

اضطرابات عاطفية نفسية يعيشها بعض الأطفال والمراهقين تؤثر بشكل كبير في سلوكياتهم من حيث فقدانهم الثقة بالنفس، ومخاوفهم من تكوين علاقات اجتماعية سواء في محيط الأسرة أو المدرسة، ولا يقتصر هذا الاضطراب على العلاقات الصحية فقط، بل امتد للجانب المهني والدراسي، والكثير من الدراسات كشفت بأن تلك الأسباب تعود إلى "التمييز بين الابناء" الذي يعد من أخطر الممارسات التربوية التي تهدد استقرار الأسرة، دون الإدراك بخطورته على العلاقات (الأخوية في محيط الأسرة)، (والزمالة في محيط الدراسة)، وإنهم بذلك يزرعون بذورالغضب والكراهية التي يجني الأبناء حصادها تدريجياً وحتى الكبر.

وتختلف أدوار التمييز وتأخذ اشكالاً متعددة منها: التفضيل بين الجنس والآخر، والتودد للمتفوق دراسياً، والتقرب (لآخر العنقود) قد يكون لا شعوريا، دون مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء والطلبة.

وحول المشاكل التي يتعرض لها الأبناء والطلبة بسبب التمييز اقتربنا من بعض أولياء الأمور والمعلمين والأبناء لنتلمس آثار هذا التمييز؟ وما هي دوافعه؟!

ترى بتول بنت قمبر بن عوض العجمية بأن التمييز بين الأبناء سواء في محيط المنزل أو المدرسة تؤثر على البعض منهم بشكل إيجابي والبعض الآخر بشكل سلبي، وتأثيره الأكبر بالتأكيد على فئة البنات، وأوضحت قائلة: "الغيرة هي شعور فطري"، لذلك إذا لاحظت الطالبة في المدرسة أو الأبنة في المنزل بأن هناك تمييز مباشر من قبل الوالدين، أومن قبل المعلمات ستبدأ هنا الغيرة تشتعل إما أن تزرع روح المنافسة بهدف الجذب أو الانتباه، أو تتحول إلى عنف، فمثلاً: سيتم إيذاء ذلك المقرب حسب الدوافع الموجودة بالنفوس سواء من قبل الأخوة بالمنزل أو الزملاء في المدرسة وهنا الخوف.

المقارنة وتأثيراتها

أما عبد الرحمن بن راشد الصوطي فيقول: المقارنة في نظري بين الأبناء أوالطلبة لها تأثير سلبي؛ ذلك لأنه ليس الجميع لهم نفس القدرات ونفس الذكاء كما تختلف باختلاف المراحل العمرية، ففي مرحلة الطفولة المبكرة، يعبر الأطفال عن غيرتهم بشكل مباشر وصريح، من خلال البكاء أو العدوان أو محاولة جذب الانتباه، أما في مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة، فتتطور أساليب التعبير لتصبح أكثر تعقيداً، وقد تظهر في شكل انسحاب اجتماعي أو سلوكيات تحد غير مباشرة.

يعتقد أحمد بن محمد المعشري أن المقارنة لها تأثير سلبي، حيث يشير إلى أنها تُشعر الشخص بالنقص والإحباط بدلاً من الشعور بالحماس والمنافسة كما يعتقد البعض. وأضاف أن كل ابن أو طالب يمتلك ميزات وقدرات مختلفة، والمقارنة تضع عبئًا كبيرًا على الشخص، حيث تطلب منه السعي للوصول إلى مستوى الشخص الذي تمت المقارنة به (الموهوب) والتفوق عليه. وفي الغالب، ينتهي الأمر بالتمني، حتى وإن بذل الشخص جهدًا للوصول إلى هذا المستوى.

من جانبه، يقول سالم بن سيف اليحمدي: الهدف من المقارنة هو التشجيع على تعديل السلوكيات، وبالنسبة للتمييز، فهناك ميول طبيعية لبعض الأبناء، لكن كأولياء أمور، يجب أن نوازن بين الجميع حتى لا يكون هناك تأثير سلبي يزرع الغيرة والعدوان، مما قد يزيد الأمور تعقيدًا.

أما ناصر بن حمود بن ناصر المحرزي فيوضح أن المقارنة بين الطلبة قد تكون دافعًا لبعضهم للتفوق، لكنها في بعض الأحيان قد تخلق مشاكل بين الطالب المتميز وزملائه، وأن القدرات والمستويات تختلف بين الأفراد، ولا يمكن أن يكون الجميع بنفس القدرات والأداء، فكل طالب يتميز عن الآخر بشيء خاص.

يرى رائد بن ناصر بن سالم الفضلي أن المقارنة بين الطلبة أو الإخوة لها تأثير سلبي، حيث تولد الغيرة والحسد، مما يؤدي إلى الكراهية والعداوة بينهم، ويقترح الفضلي أن يتم اختبار الطالب أو الابن في مواقف معينة لملاحظة ردود أفعالهم، ومن ثم استنتاج مدى تقبلهم لفكرة التمييز والمقارنة في التعليم، وما إذا كانوا يتقبلون فكرة المنافسة بين زملائهم. أما في المنزل، فلا يمكن مقارنة الابن الأكبر بالابن الأصغر أو العكس، لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج سلبية ويزرع الغيرة بينهم.

سلاح ذو حدين

وتشير سهير بنت سعيد العامرية أخصائية نفسية ومدربة دولية معتمدة في وزارة التربية والتعليم، إلى أن المقارنة بين الطلبة أو الأبناء قد تكون سلاحًا ذو حدين، إذ تعتمد إيجابيتها أو سلبيتها على الطريقة التي تُطبق بها، والسياق الذي تُوضع فيه، والفئة العمرية المستهدفة.

وبينت أن من بين الإيجابيات تعزيز روح المنافسة إذا تمَّت المقارنة بشكل تحفيزي، قد تدفع الطلبة إلى الاجتهاد وبذل المزيد من الجهد لتحقيق التميز، وتحقيق معايير واضحة، حيث يمكن للطلبة أن يعرفوا ما هو متوقع منهم وما يمكنهم تحقيقه عبر رؤية أمثلة ناجحة، وتشجيع تطوير الذات من حيث المقارنة الذاتية، أي مقارنة الطالب بنفسه وبما حققه في الماضي، فتشجعه على التحسن المستمر.

أما عن السلبيات فهي الإحباط وفقدان الثقة بالنفس إذا شعر الطالب أنه لا يستطيع مجاراة زملائه، قد يؤدي ذلك إلى الإحباط وفقدان الحافز، ويخلق بيئة تنافسية غير صحية قد تتحول إلى صراع أو تخلق الغيرة والحسد بين الطلبة، خاصة إذا تمَّ التركيز على الفروقات بدلاً من نقاط القوة، فضلا عن التقليل من التنوع والقدرات الفردية، فقد تهمش المقارنة غير العادلة الفروق الفردية بين الطلبة.

المقارنة الإيجابية

أكدت سهير العامرية أن المقارنة بين الطلبة تكون إيجابية عندما تُستخدم لتعزيز التحدي الذاتي، أي عندما يُقارن الطالب بمستواه السابق بدلاً من مقارنة الأقران، كما يجب أن يتم التركيز على التنوع في القدرات والاعتراف بأن كل طالب لديه نقاط قوة مختلفة. علاوة على ذلك، تشجع المقارنة الإيجابية على تبني قيم مثل العمل الجاد والمثابرة، وتكون المراحل المتوسطة والثانوية هي الأنسب للمقارنة التحفيزية، حيث يكون لدى الطلبة وعي أكبر بكيفية التعامل مع التحديات.

وعن المقارنة بين الأبناء، أشارت العامرية إلى أنها قد تشجع الأبناء على بذل جهد أكبر إذا تمت بشكل إيجابي، كما قد تساعدهم في التعلم من تجارب الآخرين داخل الأسرة، لكنها، في الوقت نفسه، قد تؤدي إلى مشاعر الغيرة والشعور بعدم التقدير إذا لم تُطبق بعناية، مما يخلق بيئة تنافسية غير صحية ويؤثر على العلاقة بين الإخوة.

وأوضحت العامرية أنه يجب التركيز على تطور الطفل مقارنة بنفسه، مع الإشادة بنقاط القوة لدى كل طفل دون التقليل من الآخرين، كما يجب تعزيز فكرة أن لكل فرد مهاراته الخاصة، مع تجنب استخدام العبارات التي تفضل أحد الأبناء على الآخر. أما عن السلبيات في المقارنة، فأضافت العامرية أن المقارنة قد تؤدي إلى تدهور الثقة بالنفس والشعور بعدم القدرة على الوصول إلى مستوى الآخرين، ما يخلق أجواء من الغيرة والكراهية.

المقارنة بين الطلبة

وأوضح المعلم حسام عبد السلام الحسيني معلم اللغة العربية، أن المقارنة بين الطلبة يمكن أن تكون أداة قوية للتحفيز والنمو الأكاديمي، لكنها تحتاج إلى استخدام حكيم وضمن شروط معينة، وتكون إيجابية إذا استخدمت لتسليط الضوء على النجاحات الفردية والتحفيز لبذل المزيد من الجهد، كما يمكن أن تساعد المقارنة في فهم نقاط القوة والضعف للطلبة، مما يحفزهم على العمل على تحسين أنفسهم، على سبيل المثال، مقارنة أداء الطالب في بداية العام بنهايته يمكن أن تساعده في إدراك تقدمه الشخصي.

لكن إذا تمَّ تطبيق المقارنة بشكل خاطئ، فقد تؤدي إلى نتائج سلبية، مثل الإحباط وفقدان الثقة بالنفس، خصوصًا إذا تمَّ التركيز فقط على الدرجات أو الإنجازات النهائية، كما قد تخلق بيئة مليئة بالغيرة والصراع بين الطلبة، خاصة إذا كانت المقارنة علنية وتركز على الأداء دون الاهتمام بالجهد والتحسن الشخصي.

وأوضح الحسيني أنه في مرحلة الطفولة المبكرة (قبل 10 سنوات)، يجب تجنب المقارنة المباشرة بين الطلبة لأن الأطفال قد لا يفهمون مفهوم المنافسة بشكل صحي، وفي مرحلة المراهقة المبكرة (10-14 سنة)، يمكن تقديم فكرة المنافسة بشكل تدريجي، مع التركيز على التحسن الذاتي والتعاون، وفي مرحلة المراهقة المتأخرة (15 سنة وما فوق)، يمكن استخدام المقارنة بشكل أكثر فعالية لتعزيز المسؤولية والتفكير النقدي، مع التأكيد على أنها وسيلة للتطور وليس للتفاخر، مشيرا إلى أن المقارنة يمكن أن تكون أداة تعليمية قوية إذا تم استخدامها بحذر، مع مراعاة الفروق الفردية والمراحل العمرية، بحيث يتم التركيز على التحسن الذاتي بدلًا من التفوق على الآخرين.

أخبار ذات صلة

0 تعليق