أزمة البطالة ..بين طموح الشباب وغياب الحلول الناجعة لتوفير فرص الشغل - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب، يظل ارتفاع معدلات البطالة جرحاً ينزف في قلب المجتمع، مما يهدد آمال الشباب ويعكس معركة صامتة بين طموحات الأفراد وأفق الفرص الضيقة.

وارتفعت معدلات البطالة في عام 2024 إلى 13.3%، حيث طالت أكثر من 1.63 مليون شخص. ووفقاً للتقرير السنوي للمندوبية السامية للتخطيط، ازداد عدد العاطلين عن العمل بمقدار 58 ألفا مقارنة بالعام السابق، مع تسجيل زيادات في البطالة داخل المدن بـ 42 ألفا والأرياف بـ 15 ألفا. كما توقعت 82.7% من الأسر اتساع دائرة البطالة في المستقبل.

وأظهرت البيانات أن معدل البطالة في المدن ارتفع من 16.8% إلى 16.9%، بينما شهد معدل البطالة في الأرياف زيادة من 6.3% إلى 6.8%. كما ارتفعت البطالة بين الشباب (من 15 إلى 24 عامًا) إلى 36.7%، وبلغت 19.6% بين حاملي الشهادات و19.4% بين النساء. وفي ذات السياق، أضاف التقرير أن الاقتصاد المغربي لم يخلق سوى 82 ألف فرصة عمل في 2024، مع تراجع في فرص العمل في الأرياف.

وتأثرت هذه الأرقام بتباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 3% في 2024، نتيجة لتأثيرات الجفاف على القطاع الزراعي. وبالرغم من التوقعات بتحقيق نمو بنسبة 4.6% في 2025، تبقى فرص العمل غير كافية مقارنة بحجم الطلب، حيث ينضم حوالي 300 ألف شاب إلى سوق العمل سنوياً، بينما يخلق الاقتصاد المغربي نحو 112 ألف فرصة عمل فقط سنوياً.

وتتزايد الضغوط على الحكومة بسبب ضعف النمو الاقتصادي والبطالة المرتفعة. وفي هذا السياق، أعلن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن توفير فرص العمل يعتمد بشكل أساسي على النمو الاقتصادي. وأشار إلى أن المعدل العام للبطالة في المغرب خلال العقد الماضي بلغ 21.3%.

ولمواجهة هذه التحديات، خصصت الحكومة 1.4 مليار درهم في قانون المالية لعام 2025، بهدف تحفيز الاستثمار في القطاعات التي تخلق فرص العمل، ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تعزيز برامج التشغيل النشطة.

 وأعلنت وزارة الشغل عن إعداد برنامج لمكافحة البطالة، يركز على تحسين الوساطة في سوق العمل وتوفير فرص العمل للشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى دعم الفئات غير الحاصلة على شهادات.

هذه الخطوة تهدف إلى مواجهة تداعيات الأزمة الصحية العالمية، والأزمات الجيوسياسية، والتحولات المناخية التي أصبحت تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني. ووفقاً لوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، تعتمد الخطة الحكومية على مقاربة تشاركية تتضمن استشارات مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. هذه الاستشارات تهدف إلى بلورة برامج تشغيلية تستهدف مختلف الفئات، بما في ذلك غير الحاصلين على شهادات، وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة على خلق فرص عمل جديدة.

ورغم الأهمية التي يوليها العديدون لهذه المبادرة، لا تزال التساؤلات قائمة حول قدرة هذه الميزانية على معالجة الإشكالات البنيوية في سوق الشغل. ففي ظل تجارب سابقة لم تحقق الأهداف المرجوة، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن هذه الخطة من إحداث نقلة نوعية في إدماج الشباب في سوق العمل؟

ويرى العديد من المحللين أن الميزانية المخصصة لدعم برامج التشغيل ليست جديدة في إطار قانون المالية لعام 2025، بل هي في واقع الأمر تجميع لمبالغ تراكمت من ميزانيات سابقة لم يتم تنفيذها بعد. ورغم تخصيص هذه الأموال، فإن التحدي الرئيسي يكمن في كيفية إدارة هذه الميزانية لضمان خلق فرص عمل حقيقية، خاصة في القطاعات التي تعاني من ركود مثل الفلاحة.

ويرى البعض أن الحكومة قد تستخدم هذه البرامج كوسيلة لتلميع صورتها، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، مما قد يثير الشكوك حول الأهداف السياسية وراء هذه المبادرات، إذ أن برامج التشغيل الحالية تفتقر إلى الإبداع ولا تتسم بالتواصل الفعّال مع الفاعلين المعنيين، ما يزيد من تعقيد الأزمة.

من جانبها، أكدت المندوبية السامية للتخطيط ارتفاع عدد العاطلين في المغرب بنحو 58 ألف شخص بين سنتي 2023 و2024، ما يعكس استمرار التحديات التي تواجه سوق الشغل، ويظهر الحاجة الملحة إلى تنفيذ حلول فعّالة ومستدامة.

يبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تجاوز العقبات الهيكلية في سوق الشغل، وتقديم حلول عملية تساهم في تقليص البطالة وتحقيق التنمية المستدامة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق