إيريكا ساندبيرغ *
بعد أقل من شهرين سيتولى دونالد ترامب رسمياً زمام الأمور رئيساً للولايات المتحدة. وقد أدت التوقعات بشأن الطريقة التي ستؤثر بها ولايته القادمة على الاقتصاد إلى انقسام أصحاب المصلحة وشد للأعصاب.
ووجد استطلاع رأي قبل الانتخابات لمؤسسة نايشنوايد إنفستمنت أن 34% من المستثمرين يعتقدون أن البلاد ستشهد ركوداً في غضون 12 شهراً إذا خسر مرشحهم المفضل. ويناقش خبراء الاقتصاد والأكاديميون بالفعل نتائج سياسات ترامب. فإذا حدث ركود سيواجه الأمريكيون انحداراً أو انخفاضاً في الدخول، وقلة في الوظائف، وارتفاعاً في تكاليف المعيشة. ولكن إذا كان لسياساته التأثير المعاكس، فإن التوسع الاقتصادي من شأنه أن يخلق فرصاً أكبر للشركات والمستهلكين.
وعلى الرغم من أن عناصر خطة إدارة ترامب الاقتصادية لا تزال في طور النمو، فقد حُددت المكونات الأساسية خلال حملته الرئاسية. فعلى سبيل المثال، قال الرئيس المنتخب إنه سيوسع التخفيضات الضريبية، بما في ذلك خفض معدل ضريبة الشركات من 21% إلى 15% لتلك التي تُصنع منتجاتها محلياً، وإن المستهلكين سينعمون بإعفاء ضريبي على الحوافز وفوائد الضمان الاجتماعي، وستتمتع الأسر بإمكانية الوصول إلى ائتمان ضريبي موسع للأطفال قدره 5000 دولار، بدلاً من 2000 دولار الممنوحة حالياً لكل طفل مؤهل.
ولتحفيز الإنتاج الأمريكي، أوضح ترامب أنه سيزيد التعريفات الجمركية على السلع المستوردة بشكل كبير، بما في ذلك اقتراح بنسبة 60% على الواردات الصينية. وفي الوقت نفسه، ستُخفف القيود التنظيمية في القطاعات الرئيسية مثل التصنيع والطاقة. ومن خلال تسريع الموافقات البيئية ومضاعفة القدرة الكهربائية، يهدف ترامب إلى خفض أسعار الطاقة في غضون السنة الأولى من رئاسته، وهو القرار الذي قد يُخفض التضخم. كما وعد خلال حملته الانتخابية بترحيل المهاجرين غير المسجلين، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام فرص عمل محتملة يصعب شغلها حالياً.
من المؤكد ألا أحد يريد الركود، الذي يُعرَّف عموماً بأنه ربعان متتاليان من الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي. ومع انكماش الناتج، ترتفع معدلات البطالة وقد تضطر الشركات إما إلى تسريح الموظفين أو الإغلاق بالكامل.
وقال تايلر شيبر، الأستاذ المشارك في الاقتصاد بجامعة سانت توماس في ولاية مينيسوتا: «من الناحية العملية، هذا يعني أن المزيد من الأسر ستكافح. ومع انخفاض الدخول، لن يتمكنوا من تحمل تكاليف أشياء مثل البقالة ورعاية الأطفال». ويشعر شيبر بأن احتمال حدوث ركود في عام 2025 أقل من 50%، لكن الوضع لا يزال مثيراً للقلق. ونظراً لتأخر التنفيذ، يستغرق الأمر وقتاً حتى يظهر تأثير السياسات في الاقتصاد الحقيقي.
وبينما ركز ترامب على عمليات الترحيل ووقف الهجرة غير الشرعية، فإن الحد من الهجرة القانونية مطروح أيضاً على الطاولة، وهو مؤشر على أن الإدارة الجديدة قد لا تكون مؤيدة للنمو كما كان يأمل الكثيرون. ويؤكد كبير خبراء الاقتصاد في شركة ليندنغ تري جاكوب تشانيل، أنه إذا طبّق ترامب السياسات التي ناقشها أثناء حملته الانتخابية، فمن المؤكد تقريباً أن الركود الخطر سيلوح في الأفق.
وقال تشانيل: «قد لا يحدث ذلك بين عشية وضحاها، ولكن من المرجح أن يؤدي الجمع بين التعريفات الجمركية والترحيل الجماعي والإعفاءات الضريبية إلى اقتصاد ترتفع فيه الأسعار، وتعاني الشركات من أجل البقاء، وتكون الحكومة أقل قدرة على التدخل وتوفير الاستقرار».
بدورها، ستعمل التعريفات الجمركية المتزايدة على زيادة تكاليف السلع المستوردة التي يشتريها الأمريكيون ويستخدمونها بانتظام، مثل السيارات وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة والهواتف الذكية. وإذا دفعت الشركات الأمريكية المزيد لإنتاج تلك المنتجات، فمن المحتمل أن تنتقل هذه التكاليف إلى المستهلكين في شكل أسعار أعلى. وبحسب تشانيل، صحيح أنه في الأمد البعيد قد تشجع التعريفات الجمركية الشركات على إنتاج المزيد من السلع محلياً، لكن مثل هذا التحول سيستغرق وقتاً ويكلف أموالاً.
أما ماتياس فيرنينغو، أستاذ الاقتصاد في جامعة باكنيل، فيعتقد أن الركود غير مرجح أبداً. وقال: «لقد تجنبنا الركود حتى عندما رفع الفيدرالي أسعار الفائدة، حيث كان من المرجح أن يؤثر ذلك كثيراً علـــى سوق الإسكان وعلى الاستهـــلاك. الآن يعمل المركزي على خفض الأسعار، وسيستمر بذلك».
إن انخفاض أسعار الفائدة أمر إيجابي للمستهلكين، لأنه يجعل القروض ومنتجات الائتمان الأخرى أرخص، ويوسع القوة الشرائية، ويترك المزيد من الأموال متاحة للادخار والاستثمارات وسداد الديون. وبحسب فيرنينغو، لا يوجد سبب للاعتقاد بأن ترامب سيخفض الإنفاق بشكل كبير على الرغم من التخفيضات المحتملة في برامج شبكة الأمان الاجتماعي. وسيكون هناك نمو مستمر، ربما بوتيرة أكثر اعتدالاً.
في النهاية، من السابق لأوانه التنبؤ بدقة بما سيحدث بالفعل، ولكن هناك سبباً لنظرة إيجابية، وأعتقد أن أكبر رادع للنمو القوي هو عدم اليقين المحيط بسياسات الإدارة الجديدة.
* خبيرة في التمويل الاستهلاكي وصحفية في «يو إس نيوز»
0 تعليق