دبي- محمد إبراهيم:
أكدت الدكتورة هنادا طه ثومور، أستاذة كرسي اللغة العربية بجامعة زايد، مديرة مركز «زاي» لتعليم اللغة العربية، أهمية بناء سياسات لغوية واضحة وداعمة، لتعزيز مكانة اللغة العربية، والتركيز على تفعيلها ومتابعة نتائجها وما أنجزته على أرض الواقع.
وقالت لـ«الخليج»، إن هناك جهوداً ملموسة وخطوات مشهودة في عدد من الدول العربية لتعزيز حضور اللغة العربية، إلا أنه يمكن تطويرها من خلال وضع أنظمة وتشريعات أكثر وضوحاً وتنظيماً، تضمن مكانة لغة الضاد في مختلف جوانب الحياة العامة، سواء في المخاطبات الرسمية أو في مجالات التعليم والتجارة والإعلام.
وأكدت على أهمية ضمان حضور اللغة العربية في الفضاء العام، من خلال القوائم والإرشادات والعلامات، بما يعكس قيمتها ويثري استخدامها اليومي، وأن تعزيز حضورها بهذا الشكل يُسهم في ترسيخ مكانتها القوية، ويشجع الأجيال القادمة على تعلمها واستخدامها بفخر وثقة.
مؤسسات التعليم
أفادت الدكتورة هنادا طه، بأن دور مؤسسات التعليم في تعزيز اللغة العربية يرتبط بشكل وثيق بالتشريعات والقوانين التي تضمن توفير الوقت الكافي لتعليمها، مشيرة إلى ضرورة تخصيص فترة تتراوح بين 90 إلى 120 دقيقة يومياً للطلاب الناطقين بالعربية، لتحقيق التعرّض الكافي، والتشبّع المطلوب باللغة، استناداً إلى توصيات البحوث العلمية، بما في ذلك أبحاث لجنة القراءة الوطنية الأمريكية، ودراسات صادرة عن البنك الدولي ومنظمة اليونسكو.
وأكدت أن السياسات الحالية، التي تقصر وقت تعليم اللغة العربية على 40 دقيقة يومياً مقابل تخصيص معظم الوقت للغات أخرى، لن تُسهم بشكل فعّال في النهوض بها في مختلف مراحل التعليم.
وأشارت إلى أهمية الاستثمار في تطوير مهارات معلمي اللغة العربية عبر برامج تدريبية نوعية متخصصة، تتوافق مع خصائص لغة الضاد ومتطلّبات تعليمها في القرن الحادي والعشرين، ويمكن لكليات إعداد المعلمين تحديث مناهجها وأساليب التدريس، لتعزيز كفاءة المدرسين، مؤكدة أن الجهود المشتركة بين السياسات المؤسسية والتنمية المهنية للمعلمين تُسهم بقوة في نهوض اللغة وتعميق حضورها في مجتمعاتنا.
التحديات الراهنة
أكدت الدكتورة هنادا طه، أن بعض التحديات التي تواجه لغة الضاد اليوم تكمن في التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأن هناك معلمين وتربويين قادرين على توظيف هذه التقنيات بما يخدم عملية التعلم، إلا أن مجرد إدخال التكنولوجيا إلى التعليم لا يكفي للارتقاء بمستوى اللغة العربية، فالغاية الأساسية هي أن تُسهم هذه الأدوات في تعزيز عملية التعلم بدلاً من أداء المهام نيابةً عن الطالب.
وأضافت أن الذكاء الاصطناعي، كما يظهر اليوم في تطبيقات مثل ChatGPT وغيرها، هو نتاج صناعات غربية تنطلق من خلفيات ثقافية غير عربية؛ لذا من الضروري أن ينخرط أهل الاختصاص العرب في تطوير وصناعة هذه التقنيات بدلاً من الاكتفاء بدور المتلقي.
وأكدت أن هناك بدايات مشجّعة، مثل مبادرة «جيس» من دولة الإمارات، لكننا نحتاج أيضاً إلى قواعد بيانات ضخمة باللغة العربية؛ لتساعد على الوصول إلى مستوى عالٍ من الاستخدام والانتشار في العالم العربي.
وأوضحت أن منصة «زاي» تُعدّ مركزاً متخصصاً في بحوث تعليم اللغة العربية، حيث نوفر جميع مشاريعنا وأبحاثنا وأعمالنا، لتكون متاحة لمجتمع المعلمين، والقائمين على تدريس اللغة العربية، ومديري المدارس وأولياء الأمور المهتمين بهذا المجال».
وأضافت أن المنصة تضمّ أهم البحوث العالمية المترجمة والمبسطة إلى اللغة العربية، لتسهيل فهم ما توصلت إليه هذه الدراسات، كما تحتوي على أبحاث تمّت صياغتها بشكل مبسط للقارئ العام، فضلاً عن توفير ما يقارب 120 مقطع فيديو تدريبي للمعلمين، تتناول موضوعات متنوعة تواكب احتياجات معلم اللغة العربية، ويتمّ تحديثها وإضافة المزيد منها بشكل مستمر.
استراتيجيات وطنية
أشارت الدكتورة هنادا طه، إلى أن مركز «زاي» أعدّ دورة مبسطة لتلخيص النحو العربي في عشر حلقات، بالتعاون مع أحد المتخصصين، وهو عارف حجاوي؛ إذ تبلغ مدة كل حلقة حوالي 20 دقيقة، كما تقدم المنصة مجموعة من المصادر القابلة للتحميل والاستخدام في الصفوف الدراسية، مثل المواد المتعلقة بمفاهيم الاشتقاق.
وتابعت أن المنصة تسلط الضوء أيضاً على اختبار سرد الذي طوّره المركز لتشخيص صعوبات اللغة العربية، وتوفر خدمات متعددة تشمل صناعة مناهج اللغة العربية، تدريب المعلمين، ووضع استراتيجيات وطنية لتعزيز اللغة العربية في مختلف البلدان.
0 تعليق