تغير المناخ.. آخر حروب الأرض - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

القاهرة: «الخليج» 
العالم كله يتحدث عن تسجيل أرقام حرارة قياسية في بقاع مختلفة، وعن حرائق وكوارث بيئية، و«لن تعود الحياة إلى الكوكب، بالنسبة لنا، ما لم تمنح الأغاني والقصص الحياة لجميع الكائنات، المرئية وغير المرئية، التي تعيش على الأرض الحية، لا يمكن أن تتعافى علاقتنا مع الأرض، قبل أن نتعلم الإصغاء إلى قصصها، لكن من سيرويها؟».
هذا ما يقدم به الروائي العراقي سنان أنطون لترجمة د. إيمان معروف لكتاب «للحرب وجه آخر.. ميراث الاستعمار، مسار الرأسمالية، خراب الكوكب»؛ فهناك إجماع بين العقلاء والخبراء على أن الكوكب الذي نعيش عليه يعاني أزمة خطرة، وأن «تغير المناخ» يشكل خطراً مميتاً للحياة، بكافة أشكالها، ولكل الكائنات.
لعل إحدى المساهمات المهمة في السجال الدائر في السنين الأخيرة، هو هذا الكتاب «للحرب وجه آخر» وقد سبق لمؤلفه الروائي والباحث الهندي أميتاف غوش، أن تعامل مع أزمة المناخ وتبعاتها وجذورها في كتابه «الجنون العظيم.. تغير المناخ واللا معقول»؛ إذ انتقد بشدة الإخفاق الجمعي في استيعاب فداحة الأزمة، وفي مواجهتها بما يناسب خطورتها على كافة الصعد، وهو ما ستعده الأجيال المقبلة ضرباً من الجنون.
يوضح الكتاب أن الأغلبية العظمى من الكتب التي تشتبك مع أزمة الكوكب، وتحاول تحديد جذورها والعوامل التي أثرت فيها، وفاقمتها، تبدأ سرديتها من حقبة صعود الرأسمالية أو الثورة الصناعية، وما يميز مقاربة غوش أنه لا يكتفي بذلك، بل يعود إلى حقبة الاستعمار الاستيطاني وبدايات الحداثة الاستعمارية، لفهمٍ أعمق لسلسلة التغيرات العنيفة التي أحدثتها في العالم.
من إعادة تشكيل الأرض وتسليعها وتحويل العلاقة بها إلى علاقة احتكارية استهلاكية وشن حرب إبادة ضد السكان الأصليين، أو على منظومة حياتهم وتدمير ثقافتهم، التي كانت علاقتها بالأرض علاقة تعايش وتقديس، لا علاقة استحواذ؛ إذ كانت الأرض وشبكة الكائنات والنباتات المرتبطة بها، ولا تزال في معتقداتهم وممارساتهم منظومة حية، لا حيزاً للاستغلال والربح والاستنزاف، ومحض مورد لمراكمة رأس المال، كما هو الحال في منظار الحداثة الاستعمارية.
يركز غوش على الاستمرارية بين الماضي والحاضر، ويبين أوجه التشابه بين أزمة الكوكب الحالية والاضطرابات البيئية التي دمّرت عوالم وحياة أعداد لا تحصى من الشعوب الأصلية في أمريكا وأستراليا، وكيف يستمر حجب المسئولية البشرية التي يتحملها الأغنياء والنخب الحضرية.
يشير إلى صلة غير مباشرة بين تغير المناخ وأزمة المهاجرين، الذين تزداد أعدادهم، والذين يهربون من مناطق منكوبة بتبعات التغير المناخي والحروب، ويستشهد بمقولة هرقليطس عن كون «الحرب هي أب كل شيء» ويقارن تجربة اللاجئين المعاصرين بالصراعات البيولوجية – السياسية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
يوضح الكتاب أنه إذا كان الاستعمار الحداثي، بعنفه ومنظومته المعرفية وترسانته، قد كتم صوت الأرض وأخرس الكائنات وغيّر البشر، فإن كل هذه لم تعد صامتة، بحسب غوش، «إن الكائنات والقوى الأخرى، البكتيريا والفيروسات والأنهار الجليدية والغابات والتيار النفاث، استعادت صوتها، وهي الآن تفرّط في إظهار نفسها للفت انتباهنا، بحيث لم يعد ممكناً تجاهلها أو معاملتها معاملة عناصر من الأرض الخاملة».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق