جماليات «النستعليق» تضيء ملتقى الشارقة للخط - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: عثمان حسن
اشتمل ملتقى الشارقة للخط في دورته الجديدة «تراقيم» على كثير من التجارب المميزة من العالم الإسلامي، ومن بين هذه التجارب الخطاطة الإيرانية نسيبة هادي بور، التي نقف أمام واحدة من إبداعاتها الخطية؛ حيث تكتب سورة القدر وبخط النستعليق، هذا الخط الذي تمتاز به المدرسة الإيرانية على وجه الخصوص أكثر من غيرها من المدارس المشرقية الإسلامية.
اختارت الخطاطة سورة القدر، التي تتحدث عن بدء نزول القرآن الكريم على الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، ومن يتمعن في اللوحة يبهره ذلك الجمال المتقن الذي يشعّ من الخط النستعليق، وكأنها تريد أن تترجم جزءاً من روحانية وجمال السورة، بما تحمله من مكانة رفيعة، وقد حرصت نسيبة هادي في هذه اللوحة أن تخط السورة القرآنية باللون الأسود على أرضية بيضاء، فالأسود كما يعرف من دلالاته في التراث الإسلامي، هو لون القوة، وهنا، إشارة ذكية من الخطاطة إلى قوة المضامين التي تحملها معاني سورة القدر، وهو أيضاً لون يضيف جاذبية وقوة، حين يلتقي مع اللون الأبيض يبدو للناظر في تصميم أنيق ومدهش.
لقد كان اختيار الخطاطة لهذا الخط نتاج دراسة متأنية وعارفة بأصوله، فهو تطوّر من التعليق القديم، وهو أحد أبرز الخطوط اللينة، ويكتب بأحجام مختلفة، وأيضاً لمعرفة الخطاطة نسيبة بالميزات الفنية للخط النستعليق الذي يختلف عن بقية الخطوط اللينة ببعض الخصائص، وأبرزها أن حروفه العمودية تميل إلى اليمين من أعلى، بينما تميل الحروف العمودية في بقية الخطوط اللينة نحو اليسار.
جدير بالملاحظة أن خط النستعليق شاع في الكتابات الرسمية والأدبية، وفي كتابة الأشعار وأيضاً في الآيات القرآنية، وقد ظهرت له مدارس متنوعة أبرزها المدرسة الإيرانية تليها العثمانية والهندية والباكستانية ومن ثم الشامية.
والنستعليق في الأصل يتألف من كلمتين هما (نسخ) و(تعليق) وانتشرا، وعرفا على نطاق واسع في الفترة التي سبقت ظهوره في الشرق الإسلامي.
وهو بالنسبة لكثير من الخطاطين من الخطوط المنظمة، والمعتدلة، ويمتاز بدوائره الكاملة والظريفة والجذابة، كما نشاهده في هذه اللوحة التي أمامنا.
أصبح هذا الخط ذا قواعد خاصة به، جعلته مستقلاً عن غيره من الخطوط، كما أن ضبط حروفه قائم على مقياس النقطة المربعة التي يمكن اعتبارها الميزان المستخدم في كتابة الخطوط اللينة مثل النسخ والثلث وغيرهما، وهو خط مرن يمتاز بقابليته للمد والقصر ما بين الحروف والكلمات.
قامت الخطاطة نسيبة هادي بتذهيب لوحتها كما زينتها بالزخرفة الإسلامية لتزيد من جمال روحية المعنى الذي يشعّ من سورة القدر، ولتضفي على الشكل حلة بصرية مفعمة بالسطوع والإشراق، وهنا يتداخل الشكل مع الجوهر في لوحة قدمت تأكيداً لا لبس فيه على جمال الخطوط العربية، وقدرتها دائماً على جذب الخطاطين من أصقاع الأرض ليقدموا تجارب متميزة تغوص في أعماق ودلالات النصوص خاصة النصوص الدينية، كما هو في اللوحة التي بين أيدينا.
*إضاءة
الخطاطة نسيبة هادي بور من مواليد العام 1983، كان الخط بالنسبة لها مجرد حلم طفولة، فتعلمت أسراره مع محمد جواد زاده، وأتقنت خط النستعليق، وتخصصت فيه، وحصلت على درجة الشرف من جمعية الخطاطين الإيرانيين، تكريماً لجهودها الإبداعية.

أخبار ذات صلة

0 تعليق