أبوظبي - «الخليج»
استهل برنامج «ليالي الشعر: الكلمة المغناة»، إحدى أبرز فعاليات مهرجان العين للكتاب 2024، الذي انطلق أمس، موسمه الثالث بأمسية خاصة تناولت سيرة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، رحمه الله، ضمن محور «الغائب الحاضر» بمشاركة كل من جمعة بن رحمة الدرمكي، وهو عقيد متقاعد في شرطة أبوظبي، ومحمد سعيد الرميثي، الباحث في التراث الإماراتي، فيما أدار الجلسة الإعلاميان لمياء الصيقل وياسر النيادي.
يخصص البرنامج، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية في إطار مهرجان العين للكتاب، سبع ليالٍ أدبية للاحتفاء بثلّة من رواد الشعر الشعبي ممن رحلوا خلال العام الجاري 2024، وعلى رأسهم الشيخ طحنون، الذي شغل منصب ممثل الحاكم في المنطقة الغربية لإمارة أبوظبي، باعتباره رائداً من روّاد الشعر الشعبي المحلي، وداعماً كبيراً له.
وافتتحت الأمسية بعرض فيديو وثائقي يسرد بصرياً سيرة الشيخ طحنون، الذي رافق المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، منذ نعومة أظفاره، فكان صديقه الصدوق وحافظ سره الأمين، إذ انتهج نهجه، وحفظ عهده، وسار على خطاه، فكان حكيماً، وكريماً، وقريباً من الناس. ومن فضائله أنه أحب الشعر الشعبي ودعمه انطلاقاً من إيمانه به مكوناً أساسياً في الثقافة المحلية، كما أنه نسج خيوط الهوية بأسلوبه الفريد مرسخاً قيم الأصالة وجذور التراث.
وفي حديثه عن الراحل الشيخ طحنون استعاد جمعة الدرمكي الذاكرة والصور، مشيراً إلى علاقته الخاصة بالراحل وإعجابه بشخصيته وصفاته المتميزة، موضحاً أن الشيخ طحنون تخرج في مدرسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، فقد كان يلازمه طوال الوقت، كما تحدث عن دوره قائداً في مدينة العين إذ كان يشرف على كل شيء فيها، يتفقد الزراعة، والعمران والبنية التحتية، والبلدية والمتاحف، ويسأل عن أحوال السياحة، وكان يشجع التعليم، ويدعم المرأة في جميع المجالات، ولا يترك مواطناً إلا ويسأل عنه، وكان يعود المريض، واصفاً إياه بالقائد الشعبيّ. وأكد أن صفاته يعجز اللسان عن وصفها أو التعبير عنها.
وعن علاقته بالشعر الشعبي، أوضح الدرمكي أن الشيخ طحنون كان من محبّي هذا اللون من الأدب، كما أحبّ الشعراء ودعمهم، وكان ينظم التغاريد مردداً بعضاً من تغاريده. وذكر أن من الأسماء اللامعة التي كانت دائمة الحضور في مجلسه: محمد بن سلطان الدرمكي وسالم الكاس.
من جهته، أوضح الباحث التراثي محمد الرميثي الدور الكبير الذي لعبه الشيخ طحنون في دعم الشعراء، وخاصة الشباب منهم، كما أنه كان ينظم الشعر ويتذوقه بشكل فطري، فكان يستحضر قصائد الكثير من الشعراء الكبار والقدامى مثل: الماجدي بن ظاهر، وخليفة بن شخبوط بن ذياب، وسالم الكاس. وكان لديه اطّلاع على أعمال شعراء الماضي، ويحفظ الكثير من أبياتهم، وكان معجباً بأشعارهم، كما كانت لديه رغبة دائمة في البحث عن معاني القصائد وأسباب نظمها، وقد كان مجلسه عامراً بالشعراء.
وحول وسائل التعريف بالشعراء في الماضي قبل انتشار وسائل التواصل، قال الرميثي إن تناقل القصيدة كان يتم حينها عبر الرواة، فقد كان الشاعر يقوم مقام الوسيلة الإعلامية لقبيلته، ثم أصبح هنالك توثيق للقصائد وكان للحفّاظ دور كبير فيما بعد في توثيقها، إذ لعب الراوي دور آلة التسجيل للقصائد، وكانت الجلسات تشهد مطارحات شعرية، وقد أسهم نقاء الإنسان في تلك الحقبة في حفظ الأشعار وتدوينها حتى وصلت إلينا.
وفي ختام الأمسية ألقى الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، كلمة أعلن فيها انطلاق برنامج «ليالي الشعر: الكلمة المغناة» بنسخته الثالثة في قلعة الجاهلي التاريخية التي تسكن فيها الذاكرة القديمة، وتختزن جدرانها الحكايات العظيمة. ورحب بالمتحدثين والحاضرين، مشيداً بالدور الكبير للشيخ طحنون، رحمه الله، في مسيرة الدولة، ولا سيما في حفظ الشعر الشعبي.
كما تحدّث عن دوره في دعم المهرجان، وقال: «نعلم أن الشاعر الحقيقي يبحث عن خلوده، واستمرار حياته، لذا نفتخر بأن نتوج مهرجان العين للكتاب بهذه السلسلة من اللقاءات التي تنهلون منها بشموخ واعتزاز في محطة نشعر فيها بأن تراثنا يستحق أن يكون على رأس أولوياتنا لأنه يحمل ديواناً، فقد وصف الفاروق عمر بن الخطاب الشعر بأنه ديوان العرب».
وفي ختام الأمسية كرّم د. علي: جمعة الدرمكي ومحمد الرميثي وقدم لكل منهما لوحة تذكارية تحمل صورهما.
0 تعليق