الشارقة: علاء الدين محمود
من أكثر الأشياء اللافتة في أعمال النسخة الـ11 من ملتقى الشارقة للخط، التي اختتمت مؤخراً، تنافس العديد من الفنانين في إحياء واستعادة الخطوط القديمة، وذلك من أجل تعريف الناس بها، فمع الثراء الذي ميّز تجربة الخط العربي في مختلف العصور والحقب الزمنية، فإن عدداً من أنواع الخطوط لم يحظ بما يستحقه من عناية واهتمام، ورويداً رويداً أصبحت هذه الأنواع طي النسيان، لذلك فإن هذه الأعمال والممارسات الخطية تعمل على تسليط الضوء على عدد من أنواع الخطوط المهجورة، وما تفرع عنها من أساليب وتقنيات.
الفنان الإيراني حسين فيض آبادي، قدم أعمالاً تحيي خط «الشكستة – تعليق» بروح إبداعية جديدة من خلال جهد واسع النطاق، وهذا النمط من الخط هو أساس تشكيل خط «النستعليق»، وكان خط التعليق يستخدم في الغالب لتدوين مراسيم وأوامر الملوك والحكام. ويحتوي على العديد من الأشكال المعقدة في الكتابة مثل الكتابة اليدوية المائلة، ولاحقاً، مع ظهور أنماط أخرى من الخط، طواه النسيان.
ومن أبرز أعمال آبادي لوحة تحمل السورة القرآنية «الناس»، بخط «الشكستة»، وهي عبارة عن حبر وورق، وتعكس جماليات هذا الخط النادر.
بدأ حسين فيض آبادي «1968» تعلم فن الخط الجميل منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره من خلال النظر إلى الأعمال الفنية المختلفة للفنانين، محاولاً تقليدهم بجهد كبير دون معلم، فيما دفعه شغفه إلى الالتحاق بجمعية الخطاطين الإيرانيين، وبعد سنوات من تعلم العديد من الخطوط بدأ آبادي رحلة جديدة بتدريس فن الخط في جمعية الخطاطين الإيرانيين، استمرت حتى الآن.
أما الفنان السوري هيثم سلمو فقد قدم إبداعات من خطي «المحقق»، «والريحاني»، وتتضمن أعمالاً وخطوطاً كلاسيكية على نهج السلف من الخطاطين، وتأتي الكلاسيكية على شكل أسطر متتالية ككتابة بضع صفحات من القرآن الكريم.
ومن أهم اللوحات التي شارك بها تلك التي تحمل الآية القرآنية {يسقون من رحيق مختوم}، من سورة «المطففين»، التي استعاد عبرها خط المحقق مبرزاً جمالياته وما يتميز به هذا النوع من الخطوط، كما شارك سلمو بلوحة أخرى تحمل نصاً شعرياً في مدح النبي الكريم، وهو: بلغ العُلا بكمالـــــــهِ كشف الدُّجى بجمالـهِ حَسُنت جميعُ خصالهِ صَلُّوا عليه وآلــــــهِ.
يتميز الخطاط هيثم سلمو «1970»، بتجربته الرائدة في مجال الخط العربي في نطاقه المقيد بالضبط والتقييد، ليقدم منجزاً متفرداً من تجربته الغنية التي مزجت المشهد الخطي العربي بقوة التركيب المنضبط، وبجماليات الأشكال المنبعثة من تنوع التراكيب.
*استعادة
الفنان المصري أحمد فهد، شارك بأعمال استهدفت استعادة خط الثلث المملوكي، الذي يحمل من القيم الجمالية والتشكيلية ما يثير إعجاب المتلقي العادي والمتخصص العربي وغير العربي، وهذا لما له من قيمة تراثية وبصرية مختلفة ومتميزة عن خط الثلث العثماني الذي تطور أكثر منه بكثير، وانطلاقاً من هذا كان التناول الفني والبصري المختلف لهذا الخط في أعمال فهد، وهي مجموعة متباينة من الأعمال ما بين التقليدي من حيث الشكل والتكوين واللون، وما بين الجديد في كل عناصره أو ما هو تقليدي في الشكل، وحداثي في اللون والمعالجة البصرية. وجاءت فكرة العمل على هذه الحروف والعلاقات.
ومن هذه اللوحات التي شارك بها فهد تلك التي النص الديني الابتهالي «يا حي يا قيوم»، وهو عبارة عن أحبار على ورق طبيعي مقهر، وتعكس اللوحة جماليات خط الثلث المملوكي من حيث التكوين، وهناك أيضاً لوحة بذات الخط لفهد تحمل الآية القرآنية {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، عبارة عن أحبار على ورق طبيعي مقهر.
وأحمد فهد من مواليد «1979»، حاصل على ليسانس الحقوق ودبلوم الخط، والإجازة في خطي الثلث والنسخ من شيخ الخطاطين محمود إبراهيم سلامة، وشارك في العديد من المعارض الدولية.
*شغف
الفنان الإماراتي عمران البلوشي عبّر عن شغفه بالخطوط العربية القديمة، مثل الكوفي القديم، والكوفي المشرقي، بتقديمه أعمالاً تعكس جماليات تلك الخطوط، ويتجلى ذلك الأمر في لوحتين، الأولى تحمل الآية القرآنية «يؤتي الحكمة من يشاء»، من سورة البقرة، والأخرى آية من سورة الحجرات، وفي اللوحتين سعى إلى تقديم أعمال تحاكي الطابع القديم في المخطوطات القديمة.
والبلوشي من مواليد عام «1976»، تعلّم فنون الخط العربي من خلال الدورات الخاصة في جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، تدرّج خلالها في إتقان الخطوط الكلاسيكية كخط الثلث، الذي قدّم به أعمالاً فنية في معارض مختلفة.
0 تعليق