50 خبيراً وباحثاً أكاديمياً في «مدائن التراث» بالشارقة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


أطلق معهد الشارقة للتراث، بحضور د.عبدالعزيز المسلم، رئيس المعهد، مؤتمر التراث الأول تحت شعار «مدائن التراث في العالم العربي» في قلب الشارقة، بمناسبة مرور عقد كامل على تأسيسه.
يُعتبر المؤتمر منصة حوارية علمية واستراتيجية لتسليط الضوء على التراث العمراني العربي، من خلال مناقشة التجارب الرائدة في المجال، والبحث في أبرز القضايا والتحديات التي تواجه المدن في مسيرتها نحو المستقبل.
تتواصل فعاليات المؤتمر الذي انطلق الاثنين، حتى الأربعاء، بمشاركة 50 خبيراً وباحثاً أكاديمياً من أنحاء العالم العربي، ويجمع ممثلين عن 19 دولة هي: الإمارات، العراق، لبنان، الجزائر، السعودية، مصر، سوريا، المغرب، السودان، اليمن، موريتانيا، قطر، الكويت، تونس، ليبيا، فلسطين، عمان، البحرين، بالإضافة إلى استعراض الأثر العربي في مدن مقدونيا.

عرض فني

تضمن حفل الافتتاح عرضاً فنياً قدمته فرقة المعهد، استعرضت مجموعة من العناصر التي تعكس تنوع وغنى التراث الثقافي للإمارة والمنطقة، ما أتاح للحضور فرصة للتفاعل مع الموروث المحلي في أجواء احتفالية.
وعُرض فيلم وثائقي بعنوان «غرس التراث»، الذي سلط الضوء على الجهود التي بذلها المعهد في الحفاظ على التراث الثقافي الإماراتي والعربي، إضافة إلى كيفية نقله للأجيال القادمة.
كما عُرض فيلم وثائقي آخر بعنوان «حصاد التراث»، الذي أبرز حصاد جهود المعهد في المجال من خلال مشاريعه ومبادراته، مع التركيز على التقدم الكبير الذي حققه في تعزيز الهوية الثقافية للإمارة.

«عقد من التراث»

على هامش الحفل، أطلق د.عبدالعزيز المسلّم كتاب «عقد من التراث»، الذي يتناول تاريخ المعهد منذ تأسيسه، ويستعرض المحطات الرئيسية التي مر بها خلال عقد من الزمن.
واختتم الحفل بتكريم شخصية المؤتمر، التي كان لها دور بارز في إثراء المجال، بالإضافة إلى تكريم مؤلفي إصدارات المعهد الذين قدموا إسهامات مهمة في توثيق التراث الثقافي.

أبرز الإنجازات

استعرض د.المسلّم، خلال كلمته، مسيرة المعهد على مدار عشر سنوات من العمل الجاد في توثيق وحفظ التراث الثقافي، مشيراً إلى أبرز الإنجازات التي حققها. وقال: «من هنا وقبل عقود مضت، كانت الشرارة الأولى، والشعلة المنيرة التي أضاءت للتراث دروبه، وحفظت له كنوزه ورموزه ومعالمه وصروحه، حيث بدأت جهود الشارقة في الحفاظ على تراثها العمراني بتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مع إنشاء «وحدة التراث» عام 1987، التي كانت نواة العمل الممنهج لحماية المواقع التراثية وإحياء العمارة التقليدية. تلت ذلك خطوة مهمة في عام 1995، بتأسيس «إدارة التراث» التي أخذت على عاتقها وضع السياسات والخطط التنفيذية للمشاريع الكبرى المتعلقة بالحفاظ العمراني».
وتابع: «في عام 2014، أُنشئ المعهد ليكون مرجعاً علمياً وأكاديمياً يُسهم في تدريب الكوادر وتأهيل الخبراء المتخصصين في مجال الترميم والحفاظ على التراث، ولعب دوراً محورياً في تعزيز الوعي المجتمعي بأهميته، إلى جانب توفير الأبحاث والدراسات التي أسهمت في دعم جهود الترميم».
وأضاف: «استفادت الشارقة من الخبرات العالمية في مجال الترميم؛ حيث استقدمت نخبة من المتخصصين والخبراء العرب وغيرهم؛ للعمل جنباً إلى جنب مع الكوادر المحلية. وكان لهذه الشراكة أثر إيجابي، حيث تعلّم العاملون المحليون من التقنيات العالمية المتطورة، ما أدى إلى نشوء مدرسة متكاملة في أعمال الترميم والحفاظ العمراني داخل الإمارة، حتى أصبحت الشارقة نموذجاً تعليمياً رائداً يُقتدى به. استلهم العديد من العاملين في مجال الترميم والحفاظ العمراني من تجربتها الفريدة، سواء في الإمارات أو في العالم العربي».
وأضاف: «وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، شهدت الشارقة العديد من مشاريع الترميم البارزة التي أصبحت معلماً ثقافياً مهماً. من بينها منطقة قلب الشارقة، حصن الشارقة، بيت النابودة، المسجد الجامع وغيرها. كما توسّع نطاق الحفاظ العمراني ليشمل مدن الإمارة، ومناطقها الوسطى والشرقية، التي أصبحت واجهات للجذب السياحي، حيث إن هذه المشروعات الرائدة في الحفاظ والإحياء لم تكن مجرد أعمال إنشائية، بل كانت جزءاً من رؤية أوسع للحفاظ على الهوية الثقافية للإمارة».
واختتم: «أدركت الشارقة أن التراث العمراني ليس مجرد مبانٍ قديمة، بل انعكاس لتاريخ المجتمع وقيمه وتقاليده، لهذا ربطت مشاريع الترميم بمبادرات ثقافية تهدف إلى تعريف الجمهور المحلي والعالمي بأهمية هذه المعالم ودورها في تشكيل هوية الإمارة».

تجربة رائدة

أكد د.مني بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر في المعهد، أن الشارقة أثبتت من خلال تجربتها الرائدة في الحفاظ على التراث العمراني أن التقدم والحداثة يمكن أن يسيرا جنباً إلى جنب مع الحفاظ على الأصالة والهوية. هذه التجربة تعدّ نموذجاً ملهماً يُظهر كيف يمكن للمدن المزج بين الأصالة والمعاصرة بطريقة تعزز من مكانتها الثقافية والاقتصادية.
وأكد أن مع استمرار جهود الإمارة في هذا المجال، تظل رمزاً حياً للمدن التي تفخر بماضيها وتعمل على تأمين مستقبلها، فهي تستمر في التطور والابتكار مع تنفيذ مشروعات تنموية كبرى تعكس رؤيتها للمستقبل.
وأشار إلى أن المؤتمر يصاحبه معرضان، أولهما تحت شعار: «الشارقة مدينة التراث»، محتفياً بالدور الريادي للإمارة في حماية تراثها وترميم معالمها وبناء صروحها التاريخية التي غدت واجهات للجذب السياحي، فيما يستعرض المعرض الآخر المجلات العلمية التراثية المحكمة من خلال انتخاب أربع مجلات، هي: الثقافة الشعبية (البحرين)، المأثورات الشعبية (قطر)، الثقافة الشعبية (مصر)، الموروث (الإمارات).
ويضم المؤتمر العديد من الجلسات العلمية وورش العمل التي تركز على تسليط الضوء على التجارب العربية الناجحة في مجال التراث العمراني، ومناقشة كيفية مواجهة التحديات المشتركة بين هذه الدول في الحفاظ على مدنها التاريخية.

إثراء معرفي

يُشارك في المؤتمر أيضاً أربع منظمات ومؤسسات دولية وعربية بارزة، وهي: إيكروم الشارقة، الألكسو، إيسيسكو، والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، ما يضمن للمؤتمر إثراءً معرفياً ومناقشات معمقة تجمع بين الخبرات المحلية والدولية؛ حيث تستعرض هذه المنظمات الدولية دورها في دعم جهود الحفاظ على التراث الثقافي في العالم العربي، وكيفية تعزيز التعاون بين الدول العربية لتحقيق أهداف مشتركة في هذا المجال.

محاور

تركز محاور المؤتمر على مواضيع حيوية ترتبط بمستقبل التراث العمراني العربي، أولها هو الهوية الحضارية والتاريخية للمدينة العربية، والتي تهدف إلى مناقشة كيف يمكن للمدن الحفاظ على هويتها الثقافية في ظل التحديات المعاصرة، كما يتمّ التطرق إلى موضوع المدينة العربية العتيقة: بين الأمس واليوم، حيث يُناقش تطورها ومدى تأثير التحديثات فيها.
يشمل المؤتمر أيضاً مناقشات حول المدينة العربية المعاصرة في مواجهة الماضي وتحديات الراهن، بما يتضمن دراسة كيفية الجمع بين المعمار التقليدي والتطورات الحديثة.
من الموضوعات الأساسية الأخرى التي تُناقش، مشروعات الحفاظ على التراث المعماري العربي بين التطوير والتدمير، حيث تُستعرض أفضل السبل لتطوير المدن دون التأثير سلباً في معالمها التاريخية.
كما يشمل المؤتمر محاور تتعلق بالمدن العربية.. وأفق المستقبل، لاستكشاف رؤى مستقبلها وكيفية التعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في مجال الحفاظ على التراث.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق