«سر المكالمة الحادة».. تكتيكات ترامب وكواليس اتفاق غزة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال

على الرغم من أن اتفاق وقف القتال في غزة بين إسرائيل وحماس مشابه لما تم تقديمه قبل ثمانية أشهر، حتى بنقاطه العالقة، لكن أخيراً وافق الطرفان عليه، ما يشير إلى عدة عوامل حاسمة، ومن أبرزها تدخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سواء أكان بالضغط على الطرفين، وخصوصاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أم المشاركة بشكل مباشر في المفاوضات عن طريق مبعوثه ستيف ويتكوف.
ووفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن تكتيكات الضغط الصريحة التي اتبعها ويتكوف، أجبرت نتنياهو على التراجع عن بعض مواقفه السابقة. ومع انطلاق الحملة الانتخابية الأمريكية العام الماضي، افترض المحللون أن نتنياهو، يفضل عقد صفقة مع ترامب.
وفور الاتفاق على النقاط العالقة، قال أحد المقربين من ترامب إنه تم التوصل إلى صفقة غزة، بصفته دليلاً على انتصار «سياسة السلام عبر القوة».
ويبدو أن مواقف كل من إسرائيل وحماس تبدلت مع عودة ترامب، حيث قال قبل أيام إنه سيتم «فتح كل أبواب الجحيم إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن بحلول 20 يناير / كانون الثاني، في إشارة إلى موعد تنصيبه، مكرراً التهديد الذي أطلقه في وقت سابق. لكنه قال لاحقاً إن ذلك لن يكون في صالح حماس أو«بصراحة، أي شخص».
ثم أكد ترامب أن إدارته القادمة «حققت الكثير قبل أن تصل إلى البيت الأبيض، وأنه سيتم البناء على زخم اتفاق غزة، وأن هذا الاتفاق يمثل بداية لأشياء عظيمة قادمة».
وقال ترامب إن إدارته ستعمل مع إسرائيل والشركاء لضمان ألاّ تشكل غزة مصدر تهديد مجدداً. كما شدد على أن إدارته ستواصل تعزيز السلام في الشرق الأوسط. 
ونقل رئيس الوزراء الإسرائيلي لمحاوريه الأمريكيين في إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أن يديه مقيدتان بالسياسة المحلية، حيث يعارض حلفاؤه اليمينيون المتطرفون في ائتلافه صفقة الرهائن ويتوقون إلى حملة أكثر وحشية في غزة ضد حماس.

 ويتكوف والمكالمة الحادة 

تقول المصادر الإسرائيلية إن مبعوث ترامب الحاد ويتكوف تمكن من تحريك المفاوضات بشكل حاسم، بعد مكالمة أجراها الأسبوع الماضي، مع نتنياهو، ووصفتها بأنها كانت صريحة وتفتقر إلى بعض الدبلوماسية.

وتشير المصادر كذلك، إلى أنه حتى عندما أخبر ويتكوف مساعدي نتنياهو، أنه كان متوجها إلى إسرائيل بعد ظهر السبت، حاولوا تأجيل الموعد حتى المساء، لكنه كان واضحاً وحازماً، وبالفعل توجه نتنياهو إلى مكتبه لعقد اللقاء في الموعد الذي أراده ويتكوف.

وقالت مصادر إسرائيلية إن الحديث الذي دار، أوضح كيف دفعت إدارة ترامب الوشيكة المفاوضات التي امتدت لأكثر من عام حول كيفية إنهاء الحرب، حيث قدمت الزخم الأخير لحل النقاط العالقة.

وبصفته الحليف الوثيق لترامب، حضر ويتكوف المحادثات إلى جانب بريت ماكجورك، مبعوث بايدن، حيث قال فريق الرئيس المنتهية ولايته، إنه من الضروري مشاركة مسؤولي ترامب تفاصيل المحادثات. وأثناء جولة ويتكوف في المنطقة، قالت المصادر إنه مارس ضغوطًا على نتنياهو للتنازل.

وقال دبلوماسي إسرائيلي كبير لصحيفة هآرتس: "إن ويتكوف لا يتحدث كدبلوماسي، وليس لديه أي اهتمام بالبروتوكولات الدبلوماسية.. إنه رجل أعمال يريد التوصل إلى اتفاق بسرعة ويتقدم بقوة على نحو غير عادي."

رفض تكتيكي

وزعم إعلان إيتامار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي واليمين المتطرف، أنه أحبط محاولات سابقة لوقف إطلاق النار عندما هدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو. لكن موافقة نتنياهو الحالية أظهرت أن رفض بن غفير المعلن كان على الأقرب ورقة تفاوض إسرائيلية، حيث لم يتغير الكثير باستثناء المشهد السياسي في الولايات المتحدة.
وبحلول مايو/أيار 2024، كان نتنياهو قد تراجع عن خطة قدمها بنفسه إلى بايدن وتبرأ منها. وخلال تلك الأشهر، كان اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار مطروحاً بالفعل على الطاولة. وقال الإعلامي الإسرائيلي ألون بنكاس في صحيفة هآرتس، إنه على مدار ثمانية أشهر كاملة، تم تقديم مثل هذه الصفقة مراراً وتكراراً من الولايات المتحدة.
وحثت إدارة بايدن على وقف إطلاق النار، لكنها لم تمارس نفوذاً يذكر على إسرائيل لإجبار نتنياهو على التسوية. وطوال الوقت، استمر الرهائن في الموت إلى جانب آلاف الفلسطينيين الذين سقطوا في الغارات الإسرائيلية وسط كارثة إنسانية متصاعدة.
ويشير الإعلامي بن كاسبيت في صحيفة معاريف الإسرائيلية إلى أن ترامب أقنع نتنياهو بقبول اقتراحه الخاص، الذي قدمه في مايو، لافتاً إلى أنه «ليست هناك حاجة إلى ترديد مزاعم أن أن حماس هي التي منعت التوصل إليه، وذلك لأن الحركة الفلسطينية كانت ستوافق على الصفقة في شهر أغسطس/آب الماضي، لو حصلت على ما يُعطى لها الآن.

كواليس ساعات الحسم

يشير بعض الوسطاء إلى أن حماس، وافقت على تأجيل حل بعض الخلافات مع إسرائيل إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، بما في ذلك ما يتعلق بالمناطق العازلة التي تريد إسرائيل الاحتفاظ بها على طول الحدود الشرقية والشمالية لغزة.
واتفقت الحركة أيضاً على أن الفلسطينيين المفرج عنهم من فترات سجن طويلة سيغادرون الأراضي الفلسطينية ويعيشون بالخارج مع عائلاتهم.
كما أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أنه «لن يُطلق سراح أسرى النخبة من حركة حماس في المرحلة الأولى من الصفقة».
وركزت المحادثات على ثلاث قضايا تنفيذية رئيسية: من سينظم تدفق المساعدات إلى غزة، وإجلاء المصابين من القطاع عبر المعبر الحدودي الرئيسي بين غزة ومصر، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين، إضافة إلى خرائط محددة للانسحاب الإسرائيلي من القطاع.


تفاصيل الاتفاق

وبحسب موقع أكسيوس الإخباري، فإن الاتفاق الجديد سيشمل وقفاً لإطلاق النار مدته 6 أسابيع تشهد انسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من وسط غزة وعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع. 
وستنسحب القوات الإسرائيلية من كل المناطق السكنية بالمرحلة الأولى، وسيعود معبر رفح للعمل بشكل طبيعي في كلا الجانبين، إضافة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا على طول الحدود بين مصر وغزة، وكذلك الانسحاب من محور نتساريم الذي يشطر القطاع. مع عودة النازحين إلى شمال غزة من دون تفتيش. 
وستكون مصر وقطر والولايات المتحدة هي الدول الضامنة للاتفاق.


أما العدد الإجمالي للفلسطينيين المفرج عنهم فسيعتمد على عدد الرهائن المحررين من غزة، وقد يتراوح بين 990 و1650 معتقلاً فلسطينياً من بينهم رجال ونساء وأطفال.
وبحسب كواليس الاتفاق، فإن إسرائيل ستفرج عن جميع النساء والأطفال الفلسطينيين من دون سن 19 المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023 بحلول نهاية المرحلة الأولى، بينما ستفرج حماس عن الرهائن الإناث والشباب تحت 19 سنة أولاً ثم الرجال فوق 50 عاماً
كما يشمل الاتفاق السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.
أما المرحلة الثانية من الاتفاق فستبدأ في اليوم 16 من المرحلة الأولى ومن المتوقع أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين بما في ذلك الجنود الإسرائيليون الذكور ووقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل للجنود الإسرائيليين.
ومن المتوقع أن تشمل المرحلة الثالثة إعادة جميع الجثث المتبقية وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.

ما بعد وقف القتال

ويمكن أن يأتي الاختبار الحقيقي لوقف إطلاق النار بعد الأيام الستة عشر الأولى، عندما تبدأ الأطراف في مناقشة ما إذا كان سيتم وقف دائم للقتال خلال المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق. وستشمل هذه المراحل أيضاً إطلاق سراح جميع الرهائن ووضع خطة لإعادة بناء غزة في نهاية المطاف.
ويقول مايكل هانا، مدير البرنامج الأمريكي في مجموعة الأزمات الدولية : «هناك الكثير من المخاوف حول أن هذا الاتفاق يمكن أن يتقدم إلى ما بعد المرحلة الأولى».
ويرى مراقبون أنه «قد لا تكون الحكومة الإسرائيلية اليمينية حريصة على تقديم المزيد من التنازلات لحماس، وقد لا ترغب الحركة في التنازل عن كل النفوذ الذي اكتسبته في احتجاز الرهائن الإسرائيليين. وفي المقابل، قد لا تفعل إدارة ترامب الكثير لفرض اتفاق سياسي».

ضغط شعبي

ودعم الإسرائيليون الصفقة بشكل متزايد، حيث قال 60% إنهم يعتقدون أن إسرائيل حققت أهدافها العسكرية في غزة ويجب أن تركز على الجهود الدبلوماسية لإطلاق سراح المختطفين، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة Agam Labs هذا الأسبوع في الجامعة العبرية في القدس.
كما يمثل الاتفاق بعض الراحة للفلسطينيين في غزة، الذين عانوا ظروفاً بائسة في مخيمات النزوح والقصف المتواصل من قبل إسرائيل، ولعائلات الرهائن المختطفين من إسرائيل، الذين يشعرون بالقلق منذ أكثر من عام.

أخبار ذات صلة

0 تعليق