أسعار البيض والحرب الأوكرانية.. أبرز مبالغات خطاب الـ100 دقيقة لترامب - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد محمد كمال
بالنسبة لأتباع الرئيس دونالد ترامب الأكثر ولاء، فقد كانت الأسابيع الأولى من ولايته الثانية مرضية للغاية، حيث قدم لهؤلاء خطاب ال100 دقيقة غير المسبوق في الكونغرس، وكما هو الحال مع الكثير من الأشياء المتعلقة بترامب فقد كان الخطاب مختلفاً، حيث ألقاه أمام حشد مبتهج من النواب الجمهوريين، في مقابل النواب الديمقراطيين العابسين والصامتين في كثير من الأحيان، لكن الكثير من المعلومات الواردة في الخطاب خضعت لعمليات تحقق دقيقة.
وبحسب العديد من مراكز المعلومات الأمريكية فإن خطاب ترامب الممتد احتوى كالعادة على المبالغات والمعلومات غير الصحيحة حول الاقتصاد ووزارة كفاءة الحكومة والتعريفات الجمركية وغيرها، ومن بين ذلك تقدير حجم ما أسماه الاحتيال المكتشف، وكذلك مبررات فرض التعريفات الجديدة وعلاقتها بالتجارة العالمية.
احتيال بمليارات الدولارات
من بين العبارات التي أوردها ترامب، قوله «لقد وجدنا مئات المليارات من الدولارات من الاحتيال»، لكن ذلك افتقر بشكل واضح للأدلة، حيث زعم ترامب أن وزارة كفاءة الحكومة التي يشرف عليها الملياردير إيلون ماسك حددت مئات المليارات من الدولارات من الاحتيال في الحكومة الفيدرالية.
لكن حتى فريق إيلون ماسك الذي يقوم على إنجاز العمل، لا يدعي أنه وجد الكثير من الاحتيال، وأنه حقق من خلال ذلك وفرة معينة، ووفقاً للوزارة فقد حققت 105 مليارات دولار من المدخرات، لكن موقع المبادرة على الإنترنت وضع تحديداً لأقل من 20 مليار دولار من المنح والعقود والإيجارات المنتهية، مع ظهور الباقي دون تفسير.
وحتى رقم 20 مليار دولار غير مؤكد أيضاً، حيث قام المتخصصون في الوزارة بتحديث موقعها على الإنترنت بشكل دوري لمعالجة الأخطاء، مثل العقود المدرجة بشكل خاطئ على أنها تساوي مليارات الدولارات ولكنها في الواقع تساوي ملايين فقط، إضافة إلى العقود التي تم حسابها عدة مرات، والعقود التي انتهت منذ فترة طويلة أو لم يتم إلغاؤها بالفعل.
فوائد بتريليونات الدولارات
قال ترامب إن إدارته «ستحصل على تريليونات الدولارات وتخلص فرص عمل لم تشهدها أمريكا من قبل»، وبالطبع يفتقر هذا للدليل، ففي حين أن التعريفات الجمركية الكبيرة التي يفرضها على المنتجات الأجنبية ستزيد من إيرادات الحكومة. لكن إجمالي الواردات الأمريكية في العام الماضي بلغ نحو 3.3 تريليون دولار، مما يعني أن التعريفات يجب أن تكون مرتفعة بشكل أكبر بكثير وربما لا يمكن تخيله واقعياً، لتوليد تريليونات الدولارات من الإيرادات.
إضافة إلى ذلك فإن التعريفات الجمركية المرتفعة من المحتمل أن تثني الأمريكيين عن شراء الواردات، مما يؤدي إلى تقليص الإيرادات التي يمكن تحصيلها.
وفي عام 2024، جمعت الجمارك وحماية الحدود الأمريكية 88 مليار دولار من التعريفات الجمركية والضرائب والرسوم، وفقًا لإحصاءات الحكومة.
التضخم
الرئيس الأمريكي قال في خطابه: «لقد عانينا أسوأ تضخم في 48 عامًا، ولكن ربما حتى في تاريخ بلدنا. وبصفتي رئيسًا، فأنا أقاتل كل يوم لعكس هذا الضرر وجعل أمريكا في متناول الجميع مرة أخرى»، كما تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بخفض الأسعار في «اليوم الأول».
لكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن بعض سياساته قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالطبع هذا مرتبط بالتعريفات الجمركية التي قرر فرضها على أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وما سيتبعها من تعريفات مضادة.
وقال جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إنه يتوقع أن يرى بعض التأثيرات المترتبة على الرسوم الجمركية «في وقت لاحق من هذا العام» حيث حذر من أن الرسوم الجمركية من المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة.
التعريفات الجمركية المضادة
قال ترامب إن «عدداً لا يحصى من الدول الأخرى تفرض علينا تعريفات جمركية أعلى كثيراً مما نفرضه عليها»، والواقع بحسب صحيفة نيويورك تايمز، أن الولايات المتحدة تفرض تعريفات جمركية متوسطة أقل من معظم دول العالم، ولكن المعدلات متشابهة إلى حد كبير مع تلك التي تفرضها دول غنية أخرى.
ويبلغ متوسط ​​معدل التعريفات الجمركية في أمريكا على جميع المنتجات نحو 3%، مقارنة ب 4% لكندا واليابان والمملكة المتحدة. ويبلغ متوسط ​​معدل التعريفات الجمركية في الاتحاد الأوروبي 5% وفي أستراليا 2%، وفقاً لبيانات منظمة التجارة العالمية. ويبلغ متوسط ​​معدل التعريفات الجمركية في الصين على جميع المنتجات 8%.
وتختلف التعريفات الجمركية على المنتجات المتباينة على نطاق واسع حسب البلد والصناعات التي اختارتها الحكومات لمحاولة حمايتها.
سعر البيض
قال ترامب: «لقد سمح جو بايدن بشكل خاص لسعر البيض بالخروج عن السيطرة، ونحن نعمل بجد لخفض سعره»، لكن الحقيقة أن سعر البيض ارتفع خلال إدارة بايدن بسبب إنفلونزا الطيور، والتي كانت تقضي على كميات كبيرة من الدواجن في الولايات المتحدة.
ومنذ يناير 2022، عندما تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في أمريكا، أدت الإصابات إلى نفوق أكثر من 166 مليون طائر، بما في ذلك الدجاج البيّاض.
منظمة الصحة العالمية
جدد ترامب الإشارة إلى انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وقال: «لقد انسحبت من منظمة الصحة العالمية الفاسدة»، وكان هذا الانسحاب من بين أول إجراءاته في ولايته الثانية، رغم أن أمريكا ملزمة بإخطار لمدة عام حتى يسري القرار.
ولطالما ردد ترامب أن منظمة الصحة العالمية فاسدة. ودعا العديد من الخبراء لعقود إلى إصلاح الوكالة، ومع ذلك، تعتمد العديد من البلدان عليها من أجل الحصول على إرشادات الصحة العامة، ولقاحات الأطفال، وموافقات الأدوية، إلى جانب العديد من الجهود الصحية العالمية الأخرى.
محطات الطاقة
قال ترامب إن «إدارة ترامب أغلقت أكثر من 100 محطة طاقة، لكن الواقع أن عدد محطات الطاقة الكهربائية زاد، وكان هناك 11070 في عام 2020 مقارنة ب 13257 في عام 2023، ربما كان ترامب يشير إلى عدد محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي انخفضت إلى 227 من 284 خلال نفس الفترة.
الحرب الأوكرانية
وبالتطرق إلى الحرب الأوكرانية، قال ترامب:«لقد أنفقت أوروبا للأسف أموالاً على شراء النفط والغاز الروسيين أكثر مما أنفقته على الدعم العسكري لأوكرانيا بفارق كبير»، واستطرد:« أنفقنا ربما 350 مليار دولار، وأنفقوا 100 مليار دولار»، في إشارة إلى دعم أوكرانيا.
وواقع الحال، بحسب دائرة أبحاث رسمية أن الكونغرس خصص 174 مليار دولار كمساعدات لأوكرانيا منذ السنة المالية 2022. وقدر المفتش العام في البنتاغون أن هذا الرقم كان نحو 182 مليار دولار.
كما وجد مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، أن أوروبا أنفقت 22 مليار دولار العام الماضي على واردات النفط والغاز من روسيا، بينما قال معهد كيل للاقتصاد العالمي إن الاتحاد الأوروبي خصص 20 مليار دولار لأوكرانيا العام الماضي، على الرغم من أن الدول الأعضاء الفردية أسهمت بمزيد من الأموال.
ضحايا الصراع
وفي حين يقول ترامب«لقد قُتل أو جُرح الملايين من الأوكرانيين والروس بلا داع»، فإن الأرقام الدقيقة لضحايا الصراع غير معروفة، حيث لم تعلن موسكو أو كييف أعداد ضحاياها، لكن وكالات الاستخبارات الغربية تقدر عدد القوات التي قُتلت وجرحاها بمئات الآلاف، وليس بالملايين، بينما قدرت الأمم المتحدة في أكتوبر أن نحو 11700 مدني قُتلوا وجُرح 24600 آخرين، وهو ما يشير إلى مبالغة كبيرة من ترامب.
تاريخ الخطاب الأول
ربما بدا خطاب ترامب في جلسة مشتركة للكونغرس وكأنه خطاب «حالة الاتحاد»، نظراً لطوله، وبدءًا من الرئيس رونالد ريغان في عام 1981، ألقى جميع الرؤساء خطابات أمام الكونغرس بعد فترة وجيزة من تنصيبهم، ثم مرة أخرى كل عام، وهي التي تعرف بخطابات حالة الاتحاد.
وبدأ جورج واشنطن في تقليد الخطاب السنوي، ثم توقف الرئيس الثالث توماس جيفرسون، الذي اختار تقريرًا مكتوبًا، لكن أعاد وودرو ويلسون إحياء الخطاب في عام 1913.
وأياً كان ما ورد في الخطاب، فإنه عندما غادر ترامب القاعة المنقسمة بين الديمقراطيين والجمهوريين، فلا بد أنه ومستشاريه كانوا يدركون أن أيامًا أصعب واختبارات أكثر أهمية تنتظرهم، بعد أن دعا إلى تغيير دراماتيكي ومثير للجدل في كثير من الأحيان. وما إذا كان بإمكانه تحويل الاضطراب المبكر إلى حوكمة فعالة ونتائج ملموسة، خاصة أن التعريفات الجمركية التي فرضها تخاطر بارتفاع الأسعار للمستهلكين، كما أن الفشل في خفض أسعار البيض والبقالة من شأنه أن يتناقض مع وعود حملته الانتخابية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق