في حين يقدِّم العمل «عن بعد» مزايا عدَّة مثل: مرونة العمل من أي مكان، والقدرة على إدارة الوقت بفاعلية، والإنتاجية العالية، لكنه يحمل أيضاً بعض التحديات التي تأتي بالتزامن مع هذه المزايا، وقد تؤثر سلباً على الصحة النفسية مثل: القلق والعزلة الاجتماعية وغياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية وغيرها، فكيف تحافظ على صحتك النفسية في أثناء العمل «عن بعد»؟ وتشير الصحة النفسية إلى حالة الرفاهية والسعادة التي تتمتع بها خلال أدائك لعملك دون الشعور بالضغوط النفسية.
وتشكل هذه الحالة أهمية كبيرة، لضمان تعزيز إنتاجيتك وكفاءة عملك، فمن غير المعقول أن تتمكن من إنجاز مهامك في ظل معاناتك حالة نفسية سيئة.
يُسهم اهتمامك بصحتك النفسية خلال العمل عن بعد في أن تتمتع برشاقة ذهنية ومرونة في أثناء عملك على المتطلبات المختلفة، كما يساعدك على عدم الشعور بالتوتر أو الضغوط النفسية، ما يخلق مناخاً إيجابياً خلال أداء مهامك الوظيفية.
وتوجد استراتيجيات عدَّة تمكنك من الحفاظ على صحتك النفسية خلال العمل «عن بعد»، وتمنحك القدرة على مواصلة تطورك المهني، منها:
1 - احصل على قسطٍ كافٍ من النوم
يساعدك النوم العميق على زيادة تركيزك وتفاعلك الإيجابي مع المتطلبات اليومية الشخصية والمهنية، ويسهم في تقليل حِدة التوتر والقلق، لذلك احرص على الحصول على مدة كافية من النوم تتراوح ما بين 7 إلى 8 ساعات، ويمكنك الاستعانة بالإرشادات التالية للتمتع بنومٍ عميقٍ:
* اضبط موعداً ثابتاً للنوم والاستيقاظ يومياً.
* هيّئ غرفة نومك بسرير مريح ووسادة ناعمة وإضاءة خافتة.
* استخدم المنبه التقليدي بدلاً من منبه الهاتف، حتى لا تعتاد يديك على قراءة الإشعارات والرسائل.
* أرح ذهنك قبل النوم بقراءة صفحات من كتابك المفضل أو ممارستك لهواية.
* توقف عن شرب المنبهات، قبل ست ساعات من نومك.
2 - حدد روتيناً يومياً ثابتاً
يسهم إنشاء جدول زمني يتضمن روتيناً ثابتاً في تعزيز صحتك النفسية خلال العمل عن بعد.
3 - اعتنِ بصحتك الجسدية
ترتبط الصحة النفسية والجسدية ببعضهما بعضاً، يمكنك اتباع هذه الخطوات التي تعزز تركيزك وإنتاجيتك:
* اختر وجبات تحتوي على البروتين والألياف.
* ابتعد عن الأطعمة والمشروبات التي تزيد من معدلات التوتر والقلق.
* قلل من استهلاك الكافيين.
* احرص على شرب 8 أكواب من المياه يومياً.
* مارس الرياضة بانتظام.
4 - حاول ترقية مكان عملك
تشجعك البيئة المناسبة لمكان عملك عن بعد على إنجاز المهام بكفاءة عالية، وتعتمد ترقية المكان على عددٍ من الوسائل والإرشادات، مثل:
* الحصول على كرسي ملائم يساعد على استقامة ظهرك ورقبتك.
* الاستعانة بمكتب واسع يدعم معصميك وذراعيك، ولا يتسبب في الإصابة بآلام.
* التخلص من الفوضى التي تملأ مكان عملك.
* تحديث جهازك المكتبي باستمرار.
* تضمين بعض النباتات التي تتمتع برائحة منعشة في غرفة مكتبك.
* محاولة طلاء غرفة مكتبك بألوان جاذبة.
* لصق بعض الأوراق، تتضمن عباراتٍ ملهمةٍ.
5 - ضع خطاً فاصلاً بين حياتك الشخصية والعمل
يُعد عدم القدرة على الفصل بين الحياة الشخصية والعمل من أبرز التحديات التي تواجه العاملين «عن بعد» خاصةً الذين لم يمتلكوا الخبرة الكافية، أو في بداية ممارستهم لهذا النمط من العمل.
يمكنك الاستعانة بالإرشادات التالية لإدارة وقتك أثناء عملك بفاعلية:
* خصص غرفة ملائمة لمكتب العمل في المنزل، واحرص ألا تكون مجاورة للتلفاز أو الفراش.
* اخلع ثياب المنزل، وارتدِ ملابس مخصصة للعمل، لتهيئتك نفسياً للدخول في أجواء العمل.
* أخبر أسرتك بمواقيت عملك اليومية، واطلب منهم عدم مقاطعتك في أثناء هذه الأوقات.
* وفّر كل أدوات العمل المكتبي الخاصة بمهامك قبل بدء العمل، حتى لا تضطر للانقطاع عن عملك باستمرار.
* أبعد هاتفك الشخصي عن مكتبك، تجنباً للرد على بعض الاتصالات الهاتفية غير الطارئة.
* لا تتفقد بريدك الإلكتروني الشخصي ومواقع التواصل الاجتماعي قبل بداية عملك، حتى لا تنشغل بالرد على رسائل الأصدقاء والمتابعين.
* أنشئ قائمة مهام لأعمالك في اليوم التالي قبل مغادرة مكتبك، لتأهيلك ذهنياً ونفسياً لها.
* غادر غرفة مكتبك بعد انتهاء وقت عملك، واحرص على ضبط التنبيهات الخاصة بالبريد الإلكتروني المخصص للعمل في أوقات الدوام.
6 - كن على تواصل مع الآخرين
التواصل الاجتماعي مع زملاء العمل والأصدقاء، إحدى الوسائل الهامة في مواجهة تحدي العزلة الاجتماعية التي قد تنتابك وتسبب لك الاكتئاب والتوتر، لذلك يمكنك اتباع الإرشادات التالية إذا كنت تشعر بحالة من الغربة أثناء عملك «عن بعد»:
* أخبر مديرك في العمل إذا كنت تعاني ضعفاً في التواصل مع أعضاء فريق العمل، واطلب مساعدته في توفير حالة من الانسجام مع الزملاء.
* ساعد زملاءك كلما أمكنك ذلك، وتفقد أحوالهم الشخصية بعد أوقات العمل. ستفيد هذه الآلية في إضفاء جو من روح التعاون والمشاركة مع باقي أفراد الفريق.
• احرص على طلب إجراء اجتماعات صوتية عبر التطبيقات المختلفة مثل «زووم»، إذا شعرت بسوء فهم خلال المراسلات الكتابية مع مديرك أو باقي أعضاء الفريق.
* حاول تغيير مكان عملك، والانتقال إلى الأماكن المريحة للنفس مثل الحدائق أو شواطئ البحر.
* ضع في أولوياتك الشخصية الجلوس مع أفراد عائلتك بعد انتهاء أوقات العمل.
7 - استشر متخصصاً نفسياً
يخجل بعض العاملين «عن بعد» من اللجوء إلى استشاري نفسي متخصص حال شعوره بأعراض الاكتئاب نتيجة الاحتراق الوظيفي، لكن ينبغي عدم إهمال هذه الأعراض حتى لا يتفاقم تأثيرها.
إن الحفاظ على الصحة النفسية خلال العمل «عن بعد» ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لضمان استمرارية العمل وإنتاجيته، فكلما تمتعت بصحة نفسية جيدة في أثناء ممارسة عملك، زادت قدرتك على التركيز وإنجاز العمل بكفاءة وإنتاجية عالية.
0 تعليق