تستمر أسعار الذهب والفضة في الانتعاش، حيث كانت المكاسب مدعومة حتى الأمس بتراجع زخم ارتفاع الدولار. واليوم، ازدادت قوة هذه المكاسب نتيجة تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، عقب موافقة الرئيس بايدن على استخدام أوكرانيا لصواريخ بعيدة المدى ضد روسيا. وبلغت الأزمة ذروتها صباح اليوم عندما صرّح الكرملي أن "أي اعتداء على روسيا من دولة غير نووية بمشاركة دولة نووية سيُعتبر هجوماً مشتركاً. وبعد ذلك بفترة قصيرة، أفادت تقارير إخبارية بأن أوكرانيا نفذت أول ضربة بصواريخ (أتاكمز) داخل الأراضي الروسية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الملاذات الآمنة، مثل الذهب والفضة، إضافة إلى الين الياباني، الفرنك السويسري، وسندات الخزانة قصيرة الأجل.
وكانت المعادن الثمينة، الذهب والفضة، قد شهدت موجة ارتفاع قوية قبل الانتخابات الأمريكية، لكنها تعرضت لضغوط كبيرة بعد ارتفاع متزامن في الدولار الأمريكي وعوائد السندات، ما أدى إلى كسر مستويات دعم فنية هامة. أثّر هذا الانخفاض بشكل كبير على السوق، حيث احتفظت صناديق التحوط بمراكز طويلة مرتفعة لعدة أشهر، خصوصاً في الذهب. ومع ذلك، لا نرى سبباً لتغيير نظرتنا الإيجابية للمعادن الاستثمارية. وعلى الرغم من أن الانخفاض الأخير في الذهب بمقدار 253 دولاراً كان الأسوأ منذ أكثر من عام، إلا ان علينا النظر إليه في سياق الارتفاع الكبير الذي سبقه. من هذا المنطلق، نعتبر التصحيح استجابة صحية لأسابيع من الشراء الذي ركز على الانتخابات، والذي أدى في بعض الحالات إلى تراجع الطلب من المشترين الفعليين الذين تجنبوا المساهمة في زيادة الأسعار بشكل أكبر.
ومن المرجح أن يستمر وضع الدين الأمريكي في التدهور مع زيادة إدارة ترامب للإنفاق غير الممول على التخفيضات الضريبية والبنية التحتية والدفاع. وبالإضافة إلى استمرار الطلب من البنوك المركزية التي تسعى إلى التخلص من احتياطاتها من الدولار، كما ستسهم الرسوم الجمركية في زيادة المخاوف بشأن التضخم، الأمر الذي من شأنه أن يعوض التباطؤ المحتمل في وتيرة وعمق تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية. أما التحدي الأكبر على المدى القصير، والذي تم تخفيفه الآن، فكان يتمثل في العبء الناتج عن المراكز الطويلة التي احتفظ بها المضاربون في سوق العقود الآجلة. ومع ذلك، وبالنظر إلى التوقعات بأن سياسات البنوك المركزية المتباينة ستدعم الدولار الأمريكي، فإن احتمال العودة الفورية لتحقيق مستويات قياسية جديدة يبدو غير مرجح، إلا إذا تدهورت الأوضاع الجيوسياسية إلى درجة تؤدي إلى تأثير سلبي على الطلب في فئات أصول أخرى، مما قد يعزز الطلب على الأصول الآمنة المذكورة آنفاً.
0 تعليق