الحسكة – ربا عباس
دون إعلان رسمي، رفعت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا سعر ربطة الخبز 25%، من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة، بناء على تعميم داخلي، صدر في 18 من تشرين الثاني الحالي عن مجلس الاقتصاد والزراعة في “الإدارة”.
وانتشرت صورة للقرار على صفحات إخبارية في مواقع التواصل الاجتماعي، تحققت عنب بلدي من صحتها عبر موظفين في هيئة الاقتصاد بمحافظتي الحسكة ودير الزور، بينما لم تعلن “الإدارة الذاتية” رسميًا عن رفع الأسعار حتى لحظة تحرير هذا الخبر.
سكان من المنطقة عبروا عن قلقهم، وأبدوا انزعاجهم لأن القرارات المشابهة يبدأ تطبيقها قبل صدورها.
دون رقابة
توقع عباس العويج، الذي يسكن بلدة تل الذهب جنوبي القامشلي، أن ربطة الخبز ستصل إلى بلدته بسعر أعلى من تسعيرة المدينة، إذ كان سكان البلدة يشترونها في السابق بـ3500 ليرة في حال توفرت، عندما كان السعر الرسمي 1500 ليرة، ولفت إلى أن سكان البلدة يلجؤون إلى خبز “التنور” لعدم توفر الخبز “المدعوم”.
حاول عباس العويج مرارًا تخزين بعض الطحين لاستخدامه في الحالات الطارئة عند انقطاع الخبز الحكومي أو ارتفاع أسعاره، لكن محاولاته لا تغطي الحالات الطارئة المتكررة، فدائمًا ما تطرأ تغييرات في الأسعار أو انقطاع للخبز.
عباس هو مزارع يعتمد على موسم زراعي يبيعه سنويًا، ويلجأ إلى الاستدانة لإعالة أطفاله السبعة، وفق ما قاله لعنب بلدي، لكن زيادة أسعار المواد الغذائية باستمرار، وبشكل مفاجئ، دائمًا ما تربك حالته الاقتصادية.
ويصل سعر كيلو الطحين إلى 6000 ليرة سورية، وهو سعر جيد مقارنة بأسعار الخبز التي اعتبرها عباس “غير مسبوقة”.
من جانبها، تشتكي خديجة السليم، وهي من سكان مدينة القامشلي، من الطابور الطويل الذي تقف فيه لشراء الخبز ريثما تستطيع الوصول إلى المعتمد، لشراء ما يلزمها، إذ قالت لعنب بلدي، إن بدء التوزيع يتأخر في الكثير من الأحياء، ولا رقابة حكومية على مواعيد التسليم، وجودتها.
“دلبرين أوسو”، اسم مستعار لمعلمة صف في القامشلي، قالت لعنب بلدي، إن راتبها لا يتجاوز مليونًا و200 ألف ليرة سورية (80 دولارًا)، وهو ما لا يكفي لتحمل المعيشة في المنطقة.
ويصل سعر صرف الدولار في مناطق شمال شرقي سوريا إلى 15450 ليرة للمبيع و15350 للشراء، في حين يتراوح بين 14750 و14850 ليرة وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد حركة العملات.
وأضافت الموظفة أن تأمين الاحتياجات الأساسية تتطلب عمل العائلة بالكامل.
من جانبه، صالح المجدل، الذي يقف على “بسطة” في سوق “الجمعة” يضع عليها بعضًا من نبات السلق للبيع، ذكر أنه في كل مرة ترتفع فيها الأسعار ينتابه القلق، قائلًا، “آتي بالسلق من القرية، أشتريه من المزارعين بسعر جيد وأبيع الرزمة بثمانية أو تسعة آلاف ليرة سورية، وفي الواقع لا حجة لدي لرفع أسعارها، لأنها بالأساس مزروعة بتكاليف الموسم الماضي، كما أنها طعام “الدراويش، فماذا يبقى لهم لو رفعتها”.
ويتنقل صالح بين الأسواق الشعبية كالاثنين والجمعة والخميس، علّه يؤمّن رزق أطفاله الثمانية وزوجته، ووفق ما قاله لعنب بلدي، في حال استمر الوضع المعيشي على هذا الحال، فإن استمراره في العمل هو لتأمين احتياجات العائلة من الخبز لا أكثر.
الأفران لا تلتزم
من جانب آخر، يجزم صاحب فرن في مدينة القامشلي أن سعر طن الطحين الذي يصل إلى الأفران سيصل إلى 70000 ليرة سورية بعد أن كان يشتريه بـ40000، وهو ما سيخلق مشكلات جديدة في التسعيرة.
وأضاف مالك الفرن الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب اجتماعية، أن أصحاب الأفران لا يلتزمون بنفس التسعيرة، وقال، “يخبرنا السكان الذين يشترون الخبز من عندنا دائمًا أن الفرن الآخر باعهم ربطة الخبز بفارق 500 ليرة زيادة، رغم أن الخبز هو نفسه”.
ولفت إلى أن سبب ارتفاع الأسعار لا علاقة له بارتفاع أسعار الطحين فقط، بل هو متعلق أيضًا بارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأخرى التي تدخل في إنتاج الخبز، بالتالي يجبر صاحب العمل على رفع أجور العمال ليتمكنوا من مواكبة هذا الارتفاع المتسارع في مستوى المعيشة، ما ينعكس على أسعار الخبز نفسه.
دون قرارات رسمية
هذه الخطوة هي الثالثة من نوعها خلال العام الحالي، إذ سبق وأعلنت الإدارة، في آذار الماضي، عن رفع أسعار الخبز.
وأصدرت حينها تعميمًا تضمن مضاعفة السعر ليصل إلى ألف ليرة سورية.
وحدد التعميم وزن الربطة بـ1100 غرام، وتتضمن تسعة أرغفة، وسعرها 900 ليرة، مع هامش ربح للمندوب 100 ليرة.
وفي أيار الماضي، وصل سعر ربطة الخبز حينها إلى المعتمد بسعر 1400 ليرة سورية، بينما للمستهلك بسعر 1500 ليرة، وفق ما نشرته وكالة “نورث برس” المحلية.
ولفتت حينها هيئة الزراعة الاقتصاد إلى أنها أوعزت لشركات التطوير الاجتماعي والمطاحن والأفران، بضرورة اعتماد التسعيرة الجديدة للطحين والخبز.
ويعيش سكان المنطقة أوضاعًا معيشية متردية أسوة بمناطق النفوذ المختلفة على الجغرافيا السورية.
وتعد المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” الأغنى في سوريا، إذ تضم معظم آبار النفط، وتوصف بـ”خزان قمح سوريا”، نظرًا إلى النشاط الزراعي فيها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.
حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.
0 تعليق