في عالم مليء بالتحديات، والأحداث اليومية المتسارعة، يبدو الصمت أحياناً خياراً آمناً ومريحاً، لكن ماذا لو كان هذا الصمت في مواجهة الخطأ؟ هل يمكن أن يكون مجرد تجنب للتدخل، أم أنه يتحوّل إلى مشاركة غير مباشرة في تعزيز هذا الخطأ؟ عندما نختار أن نصمت أمام الظلم أو الخطأ، فإننا نعطيه مساحة ليستمر، ونصبح دون أن ندرك جزءاً من المشكلة، بدلاً من أن نكون جزءاً من الحل.
ثقافة السكوت عن الخطأ ليست جديدة، بل هي نتاج تراكم اجتماعي وثقافي يغذي الخوف من المواجهة، كثيراً ما نخشى عواقب التحدث، سواء كان ذلك بسبب الخوف من الإقصاء، أو فقدان الفرص، أو حتى رغبة في الحفاظ على ما يعرف بـ «السلام الاجتماعي»، ولكن هذا السلام المزعوم ليس سوى وهم، لأنه يقوم على دفن المشكلات بدلاً من معالجتها.
في العلاقات الشخصية، السكوت عن السلوكيات الخطأ داخل الأسرة أو بين الأصدقاء قد يبدو وكأنه وسيلة لتجنب الصدام، لكنه في الحقيقة يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية، وخلق بيئة مشحونة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وفي أماكن العمل، عندما يتجاهل الموظفون أخطاء الإدارة أو الزملاء خوفاً على مناصبهم، فإن هذا الصمت يؤدي إلى تكرار الأخطاء، وإضعاف الثقة في المؤسسة.
عندما يرى الناس أفعالاً غير قانونية، ولا يبلغون بها، فإنهم يرسخون بيئة تتيح للخطأ أن يزدهر، هذا الأمر قد يبدو وكأنه خيار شخصي، لكنه يحمل تبعات جماعية؛ إذ يؤدي إلى تدهور القيم وإضعاف الشعور بالمسؤولية المشتركة.
إن التحدث عن الخطأ ليس مجرد حق، بل هو واجب أخلاقي ومجتمعي، مواجهة الخطأ لا تعني بالضرورة التصادم أو التسبب في نزاع، بل يمكن أن تكون بطريقة بناءة هدفها الإصلاح، الصمت الذي يهدف إلى حماية الذات يمكن أن يكلفنا الكثير على المدى الطويل؛ لأن المشاكل التي لا تواجه تتحول إلى أزمات يصعب حلها لاحقاً.
تظل الشجاعة في مواجهة الخطأ هي الخطوة الأولى نحو مجتمع أفضل، لا يمكننا أن نغير العالم بين ليلة وضحاها، لكن يمكننا أن نبدأ بتغيير سلوكنا الخاص، رفض الصمت عن الخطأ ليس فقط موقفاً فردياً، بل هو دعوة لإعادة بناء ثقافة تعتمد على الصدق والمسؤولية، حيث يكون كل فرد فيها شريكاً في التصحيح والإصلاح، باتباع الطرق القانونية والتوجه نحو الجهة المناط بها معالجة الخطأ...
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
0 تعليق