هل ثمّة شيء آخر تنتظره الشبكة العنكبوتية بعد هذه الهدية الفيزيائية النفيسة؟ بطُل السؤال: «حلم أم علم؟»، فنحن في رحاب علم العلوم، الذي انبثق منه الكون كله، وما يُدريك لعلّه أكوان. العنوان الذي انتقاه الموقع التابع لهيئة الإذاعة البريطانية «سيانس فوكس» عصَر المقال في جملتين: «لم يكن أحد يظنه ممكناً.. الانتقال الآنيّ الكمّيّ تحقق».
لكن لا تحلم بما هو أبعد، فليس الانتقال الآنيّ الذاتي للأشخاص والأشياء، فالأمر يقتصر الآن على المعلومات. لا حرج على ذوي الخيال الخصب الوسيع أن يسافروا على أجنحة تنصهر فيها الفيزياء والعرفان، فمن كبار الفيزيائيين الجدد من يرى أن المعلومات إنما هي إحدى حالات المادّة: الصلب، السائل، الغاز، البلازما، وأضف إليها المعلومات. فيزياء المعلومات مدوخة لأنها أساطير يمتزج فيها العلم بالتصوف. شطحات لها معادلات.
ما الجديد العجائبي في هذا الإنجاز الذي وصفه الموقع بأنه اختراق علمي عظيم، ويقود الفريق فيه البروفيسور الهندي بريم كومار في «جامعة نورث ويستيرن» الأمريكية؟ أهمية الانتقال الآنيّ الذاتيّ تكمن في انتفاء الحاجة إلى الكابلات. هكذا لم يكن أحد يتصور القدرة على الاستغناء عن البنى التحتية الضرورية للتمديدات عبر البحار والمحيطات واليابسة.
أمّا الخوارق الفيزيائية في هذا الاختراق العلمي، فتتمثل في ما يسمّى في فيزياء الكوانتوم التشابك الكمومي. عندما تحدث علاقة كمومية بين جُسيْميْن فإن تلك الرابطة تصير لا انفصام لها، حتى لو باعدت بينهما مليارات السنين الضوئية. علينا تذكّر أن أينشتاين أنكر إمكانية المسألة جملةً وتفصيلاً، وكان ذلك من أكبر مآخذه على فيزياء الكم. الأعجوبة الأخرى هي أن الكابلات التي تستخدم الألياف البصرية قادرة على أن يتجاور فيها الانتقال الآنيّ الذاتي الكمّي والاتصالات الكلاسيكية المعهودة. لكن في شأن الكمي لن تكون ثمة حاجة إلى بناء بنىً تحتية جديدة.
ما يحزّ في النفس هو أن العالم العربي، في جلّ بلاده، أُقصي طوال عقود عن عالم المستقبل، إضافةً إلى الكسل الدائم الذاتي، بينما العام المقبل يقرع أجراساً بليغةً. يقول عالم الفيزياء البريطاني، العراقي الأصل، البروفيسور جيم الخليلي: «لقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة سنة 2025 العام العالمي للتقانة الكمّية، وهذا البحث فرصة كبيرة».
لزوم ما يلزم: النتيجة العرفانية: هل بدأتَ تسرح فيزيائياً في حديث المتصوفين عن انعتاق الإنسان من طين الجسد؟
0 تعليق