من غير المنتظر أن يشهد ما تبقى من العام الجاري هدنة بين إسرائيل و«حماس»، أو اتفاقاً يوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
والراجح أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يماطل، ربما بدعم من أطراف في واشنطن، في إبرام الصفقة التي استنزفت كثيراً من الوقت والجهد والوساطات إلى ما بعد تنصيب الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب، في العشرين من يناير/ كانون الثاني المقبل.
قد تكون الصفقة المأمولة هدية نتنياهو للرئيس الأمريكي الجديد وبداية ما يمكن اعتباره إنجازات ولايته الجديدة، بعدما استعصى ذلك على سلفه جو بايدن. وربما تكون هذه الصفقة على صلة بترتيبات تخص ساحات أخرى خارج المنطقة، وتحديداً في أوكرانيا، إذا ما صح أن تفاهمات بشأنها تجمع ترامب والجانب الروسي تأسيساً على موقفه المفاجئ من النظام السوري السابق وغض الطرف عن التحركات التي انتهت بإسقاط رأسه، بشار الأسد.
إذا مضى السيناريو بهذا الارتباط تكون بداية دونالد ترامب في ما يخص السياسة الخارجية قائمة على انتصار مزدوج في غزة وأوكرانيا يعطي ولايته الجديدة زخماً كبيراً ويحدد ملامح تعاطيه مع ملفات الشرق الأوسط وشركائه الأوروبيين.
وحتى بغير هذا الارتباط المفترض بين مآلات الحربين في غزة وأوكرانيا، فإنه لا يُستبعد انتظار بنيامين نتنياهو مجيء الرئيس الأمريكي الجديد لإتمام الصفقة ضمن تصور عام لملامح نهج إسرائيل في المنطقة، بعد الانتصارات التي حققتها على الجبهات الأكثر سخونة.
ويبدو أن نتنياهو لم يعد تحت ضغط استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، وإن كانت ترتيبات ذلك حتى الآن حجة عدم إتمام الصفقة، فغير ذلك من أهداف تحققت في أكثر الساحات سخونة يكفيه لتضييع الوقت في المفاوضات والتلكؤ بتفاصيل بما لا يؤدي إلى نتيجة في الوقت الحالي.
لا شك في أن القضاء على«حماس»، وهو هدف إسرائيلي أُعلن منذ بداية الحرب، شبه متحقق، لكنّ الآلة العسكرية لا يمكن الجزم بأنها استطاعت إخراج الحركة نهائياً من واقع غزة، رغم كل المجازر التي استهدفت القطاع وأتت تقريباً على عمرانه وإنسانه.
وربما يكون قطع الصلة بين «حماس» والقطاع الجزء المتخفي في مفاوضات الصفقة والمستأثر بنقاشات موسعة هي جزء مما يرسم للمنطقة بعد مجيء ترامب، وستكون بدايته أو منطلق تنفيذه هي الاتفاق الذي يوقع بين إسرائيل والحركة في ظل قناعة أمريكية - إسرائيلية بأنها لم تعد تملك ما يكفيها من أوراق المناورة.
على هذا يمكن فهم الترجيح الأمريكي الإسرائيلي لاكتمال الصفقة بعد تولي دونالد ترامب مهامه، والاستمرار في اتهام «حماس» بأنها العقبة الرئيسية أمام إتمامها الآن، رغم الاقتراب الشديد من ذلك.
وهذا الترجيح يعني انعدام أثر تهديد ترامب بجحيم يعم الشرق الأوسط إذا لم تفرج «حماس» عن الرهائن قبل 20 يناير/ كانون الثاني.
0 تعليق