عام وصحائف وأهداف - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

سنطوي العام بعد أيام ويحتفل العالم بانتهائه، وبدأ الكثيرون ممن يحملون في طي تخصصاتهم (وادعاء البعض) علم المستقبل والطاقة والنبوءات المحتملة، بطلب إرسال الأمنيات والطاقات، وأكبر المطبلين في نظري من يخبرك أنك إن لم تضع أهدافاً وترددها كما يجب أن تردد أذكار الصباح والمساء فإنك فاشل لا محالة، ولن تصل يوماً لما تريد.
لست ضد البدء بوضع أهداف وخطط، بل أشجع ذلك كثيراً، فلا يوجد عشوائية في ما نريد أن نحقق وننجز، ولا نملك إلا أن نخطط ونسعى ونرتب الأولويات، ولكن الذي يدركه المرء بعد عمر من إعادة سيناريو الأهداف أن الذي ينساه في خضم ما يفعل هو نفسه، وأقول هنا نفسه بعيداً عن كل الأهداف الوظيفية التطويرية من أجل شهادة ومنصب، والوصول للعالمية أحياناً، كلها أهداف سامية ولا بد منها ولها أولوية.
ولكن هل ندرك فعلاً أننا ننزلق وراء كل شيء ولا نحافظ على أنفسنا، صحتنا النفسية والجسدية، نؤخرها حتى ما تنقضي كل الأشياء الأخرى، في عصر السرعة والتدفق السريع للإنجازات المحمودة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه الحمد لله، هناك من يتجاوز الأمر ليصبح الأمر مجرد منافسات تقتل من حوله، فيزيد من كم الأهداف وكم التوقعات وكم المتطلبات وكم الضغوطات وكم المساءلات وكم المحاولات..... إلخ.
كل ما نقوله اليوم، حين تُطوى صحف العام، وتُطوى صحائف العمر، فإن الأهم أثرك، والأثر الجميل يكون من قلب يستمر في التقلب في جمال الحياة وما خلقه الله لنا، لنقسّم كل ما نخطط له ليشمل في أقل تقدير ثلثه للماهية الذاتية، لك، لما تحب، لله، لهواياتك، لأسرتك، لنفسك، لدراستك، لقراءتك، لسفرك، لحبك، لأصدقائك، لرياضيتك، وكل ما كان مؤجلاً على الرفوف، سأدعو نفسي وأدعوك أن نضع خططنا بشكل مختلف هذا العالم، لنفتح الدفاتر، وخططنا المؤجلة في الأدراج.
لنخترها أولاً، بعضها لا كلها حتى لا نكون مثاليين، ولنكتبها أمامنا وندعو الله أن يحققها لنا، وأن نجتهد ولا نتراجع عما نحن عليه، ولكن في توازن بحت، في صمت أكثر، وتأمل أكبر، في حسن إدراك وبصيرة، في حكمة لمعرفة الحياة، في تجرد من المظاهر، وكم المشاريع والأهداف التي لا تجعل منَّا إلا مرهقين، وأتمنى أن يفهم من على الهرم الأكبر، أن الإنسان وُجد على هذه الأرض ليدرك قيمة ما خلقه الله له، فلا يُهمل ولا يُطلب منه فوق طاقته من أجل فقط ملء استمارات لن يقرأها الكثيرون إلا في أخبار عابرة.
لتكن بصمة التمكين واضحة، بصمة الصحة النفسية أكبر، ليكن السلام الداخلي رسالة حقيقية، وليساعد الكل بعضه بعضاً في الدخول لبوابات العوالم المفعمة بطاقة النور والحب، ولتصبح كل الأيام عاماً جديداً متجدداً متألقاً بك، ولك.. وكل عام وأنتم بخير.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق