ندرة تنموية وكثرة عددية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

ما رأيك في تسلية تراثيّة حتى لا يمضي الوقت سدى؟ بالمناسبة، العرب أبرياء من أيّ إرهاب، ما عدا قتل الوقت. ها أنذا قد أعددت لك علبة قرعة فيها ألوان من الحِكَم والأمثال، فخذ لك تراثيتين، لعلك تأتينا منهما بقبس، فنجد ما ينير المدى. حسناً، ماذا قالت لك الطوالع؟ عجباً، هاتان كشطري الفولة، كلتاهما مرآة للأخرى.
الأولى: «ولم أرَ في عيوب الناس شيئاً.. كنقص القادرين على التمامِ». والأخرى: «وما أكثر الأعلام حين تعدّهم.. ولكنهم في النائبات قليلُ». لا عليك بمدوّخات الإحصائيات، فلا توجد مؤسسة في القطاعين، لها ولو دراية ضبابية بعدد تقريبي، لحشود النخب العربية في جميع المجالات. أنت واهم ساهم، ساهٍ أو لاهٍ في خيال واهٍ، إذا ظننتَ أن نخب العرب تعلم مثقال ذرّة عن نخب العرب. ولو انقطعت سيول التضليل الإعلامي الغربي، لصارت أخبار العرب عن العرب كلها في «تظليل». كم عدد الأعلام الذين هم الصفوة في سائر حقول الحياة العامة، في الفكر والعلوم البحتة والتجريبية والإنسانية والآداب والفنون والتقنية والتقانة وخصوصاً العلوم الإدارية والحقوق والعلوم السياسية والاجتماعية؟ عشرات الملايين ولا شك. ألهذا السبب اختارت قرعتك العشوائية: «وما أكثر الأعلام حين تعدّهم»؟ أم أن العشوائية تخبط خبط عشواء؟
تعريجات لا حرج عليها، لولا أنها خلو من التسلية، ففيها من المنغّصات ما يفوق عدد الطاقات والأدمغة العربية، إلاّ أنها كأنها مفرغة من الطاقة، دامغة. كيف لعاقل غير غافل أن يستوعب هذا الطباق غير المتطابق، وهذه المعادلة غير العادلة: نخب بعشرات الملايين، بينما الأمّة في الغمّة، واللمّة كأنها ليست ثمّة، ولا حتى نفحة أو شمّة؟ ما هذه العدوى القهقرائية؟ لا علوم متفوقة ولا فنون متألقة. كأن المنهج التراجعيّ وما أكلت سباع حق القوة، مستنسخ نصّاً وصورةً في جلّ بلاد العرب، وإلاّ فكيف يتسنى تفسير العثار والانحدار نحو الانهيار في أكثرية الأقطار؟ لو كانت القضية مجرّد ابتلاء «بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات»، لاقتدت تلك الشعوب بالزهاد والنساك، ولكن فوق المأساة «ضرب في المليان» السيادي، الذي تداعت وتتداعى له بلاد العُرْب أوطاني. كيف باتت حشود النخب كغثاء السيول؟ حتى لا يقول المغرضون الحاسدون، بل كالعصف المأكول. الحاسدون بتعبير الوأواء الدمشقي: «هم يحسدوني على...». كيف يُعالج نقص القادرين على التمام؟
لزوم ما يلزم: النتيجة النسبية: هذه النسبية لا يقدر عليها أنشتاين. ما قصة هذه الندرة التنموية والإبداعية، أمام كل هذه الكثرة العدديّة؟

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق