الحرف اليدوية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الحرف اليدوية من أهم وأقدم الأنشطة الّتي مارسها الإنسان منذ العُصور القديمة، حيث اعتمد عليها في تلبية احتياجاته الأساسية، وتتضمن إنتاج الأدوات والملابس والزينة والمواد المختلفة باستخدام تقنيات يدوية بسيطة أو تقليدية. ومع مرور الوقت أصبحت هذه الحِرف تعبيراً عن الثّقافة المحلية والتراث الشّعبي لكل مُجتمع.
فصناعة الحِبال وسف الخوص والليخ والثوب الإماراتي بأشكاله المختلفة وزخارفه المتناغمة إلى جانب صناعات يدوية أخرى مثل التلي وجدائل النخيل وصناعة السفن وغيرها، هذه المشاهد حيّة تسترجع الزّمن الجميل وتضيء على إبداع ومهارة الأجداد والآباء الذين استطاعوا المحافظة على هذا الموروث من الاندثار والذي يفوح برائحة الماضي وحداثة الحاضر.
وتعتبر صناعة التلي واحدة من أعرق صناعات التّطريز في الإمارات كونها جزءاً مهماً من التراث الشعبي والموروث الحقيقي للمجتمع، ولا يتقنها إلا من امتهن هذه الصّناعة التي اكتسبت خبرات مُتراكمة عبر السّنين. فثوب المرأة الإماراتية هو خيرُ شاهد على ذلك الزمن الجميل، فالثياب تصف لنا أسلوب حياة النّساء في الماضي شارحة أدق تفاصيله وناشره شذاه العابق برائحة الأجداد كعطر أخّاذ ينتقل من جيل لآخر، وترقّي هذه الأزياء التي باتت من الموروث الشعبي حيث أفرزتها طبيعة البيئة التي كان لها أكبر الأثر في تصميمها ورسم معالمها. وكذلك صناعة السفن حيث إن المهن البحرية تمثل جانباً مهماً من التاريخ الإماراتي وفي حياة أهلها على مرّ العصور حيث شكل البحر مصدر رزق رئيسياً لسُّكان الدّولة الذين امتهنوا رُكوب البحر حتّى أصبحوا أسياده بلا مُنازع.
وغزل خيوط الصّوف على آله السّدو اكتسبت أهميتها من تناقلها من جيلٍ لآخر، فهو من المهن التي عملت بها المرأة الإماراتية منذ القدم لتلبية الاحتياجات الضرورية لسكان البادية من خلال الأولوية اللازمة لهذه المهن والحِرف المتمثلة في وبر الإبل وشعر الماعز وصوف الغنم، فحياكة أو نسج الصوف وصنع أهل البادية بيوت الشّعر والأغطية والسّجاد والوسائد التي زينوا بها إبلهم وزخرفوا أسرجتها وأحزمتها وإخراجها بأشكال وألوان جميلة.
وهُناك علاقة بين المرأة الإماراتية والرّحى، فكانت تُحاكيها بما يدور في خلدها من أحاسيس عن طريق عملها، فالحُبوب توضع في فتحة الوتد المحورية لتنثر بين سطحي القرصين وبفعل دوران القرص العلوي الذي تديره يد المرأة بعصا مُثبتة بثقب قريب من الحافة لتجرش الحبوب وتخرج من الجوانب ناعمة مما يمكّن من التحكم بها بما يناسب الأكلة الشّعبية التي تصنع منها كالهريس أو العصيدة أو الخبيص. وهُناك صناعة البرقع وهو أحد أنواع أغطية الوجه التي تُصنع من أقمشة خاصة للينة والاحتشام ويُعتبر أحد المظاهر التقليدية التي تعكس احتشام المرأة منذُ القدم.
ستبقى حِرفنا اليدويّة وسام عزّ ومجد نعتز به على مدار الأيام والسّنين وننقله لأبنائنا وأحفادنا ليكون بمثابة شعاع لصناعة التاريخ الذي بدأت خطاه منذ القِدم على ربوع دولتنا الأبية التي سيبقى فيها الموروث الشّعبي إحدى ركائز قوتنا وثباتنا في وجه رياح التغيير العاتية.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق