لماذا بكت «صاحبة الجلالة»؟ - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

يخرج (محفوظ عجب) الذي يقوم بدوره سمير صبري في فيلم «دموع صاحبة الجلالة» من السجن، ويتوجّه إلى بيت والدته (أمينة رزق) في أحد الأرياف المصرية، وتسأله: «حتشتغل إيه بعد ما طلعت من السجن»، يجيبها سمير صبري:« نفسي أشتغل صحفي». تسأله أمه: «صحفي يعني إيه يا ابني»، يجيبها: «يعني جورنالجي يَمّهْ، دول الصحفيين أصحاب قوّة ونفوذ».
وفعلاً، يعمل محفوظ عجب صحفياً، وأوّل ما يفعله تملّق رئيس التحرير (فريد شوقي).. يقول له مثلاً: «لو معاي قرش واحد كنت أشتري بيه مقال سعادتك»، وبقية الفيلم معروفة لمن شاهده، وكان أوّل عرض له في عام 1992، والفيلم مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب موسى صبري..
من التملّق إلى الانتهازية إلى الوشاية برفاقه ثم التسلّق إلى السلطة والنفوذ.. هذه حكاية الجورنالجي اللّعيب الذي كان يعيش في غرفة فوق السطوح، ويزعم أنه قارئ.. (أنا دودة كتب) كان يقول لأصدقائه ونسائه، وهو في حقيقته جاهل فارغ من داخله ومن خارجه، ومن قصصه الانتهازية علاقته براقصة نافذة في السرايا، قالت له مرّة: «خليك جنبي وأنا أعمل منك أكبر صحفي في مصر».
لكل هذه الحيثيات، سواء في قصة الفيلم أو في الحياة بكت صاحبة الجلالة.. بكت لأن مكان محفوظ عجب ليس الصحافة بل سوق الفساد والكذب، كان يكذب على رئيس التحرير ويلفّق معلومات ووثائق يسرقها حتى في سرادق العزاء، ليحصل على سبق صحفي، لكن، ليس كل ما في القصة دموع صاحبة الجلالة. هناك الصحفية المثقفة المسيّسة آمال صدقي (سهير رمزي) رئيسة قسم التحقيقات، إحدى ضحايا وشاية محفوظ عجب التي تليق بالمهنة وبشرفها الأخلاقي والمهني..
لا أقصد عرضاً لفيلم مرّ عليه حوالي 30 عاماً سياسة وصحافة وثقافة، بل، يتساءل المرء حتى لو شاهد الفيلم صدفة ولأول مرّة.. هل، يا تُرى يوجد اليوم في الصحافة نماذج من طينة محفوظ عجب؟.
كم يستفزك فعلاً أن تسمع أحدهم يتبجّح قائلاً، إن مهنة الصحافة هي مهنة من لا مهنة له، وقد ينطبق مثل هذا القول على عائلة محفوظ عجب، لكنه، لا ينطبق على الرموز الثقافية الصحفية التي صنعت مملكة الصحافة العربية وغير العربية بالثقافة والفكر واللغة والأدب.. التي أدّت معاً إلى استحقاق المهنة لقب: صاحبة الجلالة.ينقلنا الفيلم إلى زمن الجورنالجي الحقيقي من مانشيتات وصحف مصر الأولى: المقطّم، والمصري على سبيل المثال، ثم بيّاع الجرايد على دراجته الهوائية، وهو ينادي في شوارع القاهرة: «أهرام، أخبار، جمهورية».

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق